فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته، كما قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كانوا يَعْمَلُونَ} وقال تعالى: {إن الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} الآية فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات، إثباتا بلا تشبيه، وتنزيها بلا تعطيل. كما قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ففي قوله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد للتشبيه والتمثيل وقوله {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رد للإلحاد والتعطيل.
ش: يعني أن السلف أثبتوا لله أوصاف الكمال ونفوا عنه مماثلة المخلوقات، فلم يسلكوا طريقة المبتدعين الذين ذمهم الله على إلحادهم وتحريفهم الكلم عن مواضعه، ووجه الذم في الآية الأولى أن الله أمر بترك الملحدين واجتناب طريقتهم وتهددهم له تعالى بقوله {سَيُجْزَوْنَ مَا كانوا يَعْمَلُونَ} بعد أن أخبر بأن له الأسماء الحسنى- وهي الكاملة العليا- وفي الآية الثانية أخبر أن إلحاد الملحدين غير خاف عليه سبحانه، بل هو يعلمه، وهذا تهديد لهم أكده بقوله {َأفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ} فأخبر أن الآمنين هم الذين لا يلحدون في آياته، والذين يلقون في النار هم الملحدون ثم توعدهم بقوله {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ أنهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} والعرب قد تخرج الكلام بلفظ الأمر ومعناه فيه النهي، أو التهديد والوعيد كما قال تعالى {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} فقد خرج ذلك مخرج الأمر، والمقصود به التهديد والوعيد والزجر، والشاهد من الإلحاد هنا هو إلحاد التشبيه، والحاد التعطيل، فإن للإلحاد خمسة