شيء" وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا في سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟! فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها فقال: أخبروه أن الله تعالى يحبه ".
قوله:
وأيضا فقد ثبت بالعقل ما أثبته السمع من أنه سبحانه لا كفء له ولا سمي له، وليس كمثله شيء، فلا يجوز أن تكون حقيقته كحقيقة شيء من المخلوقات ولا حقيقة شيء من صفاته كحقيقة شيء من صفات المخلوقات، فيعلم قطعا أنه ليس من جنس المخلوقات لا الملائكة ولا السموات، ولا الكواكب ولا الهواء، ولا الماء ولا الأرض ولا الآدميين ولا أبدانهم ولا أنفسهم ولا غير ذلك بل يعلم أن حقيقته عن مماثلة شيء من الموجودات أبعد من سائر الحقائق، وأن مماثلته لشيء منها أبعد من مماثلة حقيقة شيء من المخلوقات لحقيقة مخلوق آخر. فإن الحقيقتين إذا تماثلتا جاز على كل واحدة ما يجوز على الأخرى ووجب لها ما يجب لها: فيلزم أن يجوز على الخالق القديم الواجب بنفسه ما يجوز على المحدث المخلوق من العدم والحاجة، وأن يثبت لهذا ما يثبت لذلك من الوجوب والغنى فيكون الشيء الواحد واجب بنفسه غير واجب بنفسه موجودا معدوما، وذلك جمع بين النقيضين. وهذا مما يعلم به بطلان قول المشبهة الذين يقولون بصر كبصري، أو يد كيدي ونحو ذلك، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، وليس المقصود هنا استيفاء ما يثبت له ولا ما ينزه عنه واستيفاء طرق ذلك، لأن هذا مبسوط في غير هذا الموضع وإنما المقصود هنا التنبيه على جوامع ذلك وطرقه، وما سكت عنه السمع نفيا وإثباتا ولم يكن في العقل ما يثبته ولا ينفيه، سكتنا عنه فلا نثبته ولا ننفيه، فنثبت ما علمنا ثبوته، وننفي ما علمنا نفيه، ونسكت عما لا نعلم نفيه ولا إثباته والله أعلم.