للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن يطاع في كل وقت، بفعل ما أمر به في ذلك الوقت فإذا أمر في أول الأمر باستقبال الصخرة، ثم أمرنا ثانيا باستقبال الكعبة، كان كل من الفعلين حين الأمر به داخلا في الإسلام، فالدين هو الطاعة والعبادة له في الفعلين، وإنما تنوع بعض صور الفعل وهو وجهة المصلي، فكذلك الرسل، وإن تنوعت الشرعة والمنهاج والوجهة والمنسك فإن ذلك لا يمنع أن يكون الدين واحدا كما لم يمنع ذلك في شريعة الرسول الواحد.

ش: يقول الشيخ: إن دين الأنبياء والمرسلين دين واحد وإن كان لكل منهم شرعة ومنهاج. فدين المرسلين يخالف دين المشركين المبتدعين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} وهذا التوحيد هو أصل الدين الذي لا يقبل الله من الأولين والآخرين دينا غيره وبه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وأمثال ذلك من الآيات. وقد ذكر الله عز وجل أن كل واحد من الرسل افتتح دعوته بأن قال لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} وفي المسند عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم"، واعلم أن الله قد خص نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بخصائص ميزه بها على جميع الأنبياء والمرسلين وجعل له شرعة ومنهاجا هي أفضل شرعة وأكمل منهاجا كما جعل أمته خير أمة أخرجت للناس. فهم يوفون سبعين أمة هم خيرها وأكرمها على الله من جميع الأجناس. هداهم لله بكتابه وإرسال رسوله لما اختلف فيه من الحق قبلهم وجعلهم وسطا عدلا خيارا. فهم وسط في توحيد الله وأسمائه وصفاته وفي الإيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>