للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَاسِرِينَ} قالت اليهود والنصارى فنحن مسلمون، فأنزل الله {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} ، فقالوا لا نحج فقال تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} ، فإن الاستسلام لله لا يتم إلا بالإقرار بما له على عباده من حج البيت، كما قال صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت"، ولهذا لما وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة أنزل الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} .

ش: يعني أن الله سبحانه قد جعل من ضمن ما شرعه لعباده أن السابق من الأنبياء يبشر باللاحق وأن المتأخر يؤمن بالمتقدم، كما في قوله: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ} الآية. وكما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسنده عن أبي أمامة قال: قلت يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟، قال: "دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام" وكما في الأثر الذي رواه الإمام أحمد أيضا بسنده إلى عبد الله بن مسعود في قصة وفد قريش إلى النجاشي في طلب المهاجرين إلى الحبشة وفيه "قال جعفر بن أبي طالب: أنا خطيبكم اليوم فاتبعوه فسلم ولم يسجد، فقالوا: له ما لك لا تسجد للملك؟، قال: إنا لا نسجد إلا لله عز وجل، قال: وما ذاك، قال: إن الله بعث إلينا رسوله فأمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله عز وجل وأمرنا بالصلاة والزكاة، قال عمرو بن العاص: فإنهم يخالفونك في عيسى بن مريم، قال: ما تقولون في عيسى بن مريم وأمه؟، قال: نقول كما قال عز وجل: هو كلمة الله وروحه ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسها بشر، قال: فرفع عودا من الأرض ثم قال: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان والله ما يزيدون على الذي نقول فيه ما يساوي هذان، مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده أشهد أنه رسول الله وأنه الذي نجد في الإنجيل وأنه الذي يبشر به عيسى بن مريم انزلوا حيث شئتم"، وكما أن

<<  <  ج: ص:  >  >>