يشاركه، أو قال إنه لا فعل له، بل من يشبه به شيئا من مخلوقاته فإنما يشبهه به في بعض الأمور، وقد علم بالعقل امتناع أن يكون له مثل في المخلوقات يشاركه فيما يجب أو يجوز أو يمتنع عليه فإن ذلك يستلزم الجمع بين النقيضين، كما تقدم. وعلم أيضا بالعقل، أن كل موجودين قائمين بأنفسهما فلابد بينهما من قدر مشترك. كاتفاقهما في مسمى الوجود، والقيام بالنفس، والذات، ونحو ذلك، وأن نفي ذلك يقتضي التعطيل المحض، وأنه لابد من إثبات خصائص الربوبية، وقد تقدم الكلام على ذلك.
ش: يقول الشيخ: بما تقدم من تقرير توحيد المرسلين الذي هودين الإسلام بمعناه العام وأن ضده الشرك وهو اتخاذ مع الله آلهة أخرى يتضح خطأ من غلط من أرباب الكلام وأهل التصوف الذين جعلوا الإقرار بربوبية الله الشاملة هو النهاية في التوحيد، وأن معنى كلمة الإخلاص: هو القادر على الاختراع. وقد استدلوا على أن توحيد الربوبية هو الغاية بدليل التمانع المشهور، وهو أنه لوكان للعالم صانعان فعند اختلافهما مثل أن يريد أحدهما تحريك جسم وآخر تسكينه أو يريد أحدهما إحياءه والآخر إماتته فإما أن يحصل مرادهما أو مراد أحدهما أو لا يحصل مراد واحد منهما، والأول ممتنع لأنه يستلزم الجمع بين النقيضين، والثالث: ممتنع لأنه يستلزم خلو الجسم عن الحركة والسكون وهو ممتنع ويستلزم أيضا عجز كل منها والعاجز لا يكون إلها، وإذ حصل مراد أحدهما دون الآخر كان هو الإله القادر والآخر عاجزا لا يصلح للإلهية، ولا ريب أن هذا غلط واضح واعتقاد فاسد فإن معنى لا إله إلا لله لا معبود بحق سوى الله سبحانه، كما قال تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إله إلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} ، وقال:{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} فأجابوا ردا عليه بقولهم: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ