آبَاؤُنَا} ، وقال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} ، فالإله هو بمعنى المألوه المعبود الذي يستحق العبادة، ليس الإله بمعنى القادر على الخلق كما يقول ذلك من يقوله من الأشاعرة وغيرهم، فلو أقر الإنسان بما يستحقه الرب تعالى من الصفات ونزهه عن كل ما ينزه عنه وأقر بأنه وحده خالق كل شيء لم يكن موحدا حتى يشهد أن لا إله إلا الله فيقر بأن الله وحده هو الإله المستحق للعبادة ويلتزم بعبادة لله وحده لا شريك له فإن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء ومع ذلك كانوا مشركين. وقد أنكروا ما جاء به صلى الله عليه وسلم من التوحيد، وما نفاه من الشركاء فقالوا:{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} وقصرها على الله سبحانه وقالوا: {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} أي لأمر بالغ في العجب إلى الغاية، فهم إذاً أعلم بمعنى كلمة الإخلاص من أرباب الكلام والتصوف، كما كان المشركون يقرون بمشيئة الله النافذة وقدرته التامة. وبما سبق يتضح أنه ليس أحد من طوائف بني ادم ينازع في أصل الربوبية على اعتبار وجود ربين متماثلين من كل وجه، بل غاية ما يقال أن بعض الطوائف المشركة تنسب شيئا من التأثير لغير الله كما تقول القدرية في أفعال العباد بأنها مخلوقة لهم وأن كانوا يقرون أن الله هو خالق العباد وخالق قدرتهم على الفعل، وكما تقول المجوس بأن الظلمة تخلق الشر مع إقرارهم أن الله خالق الخير ويعبرون عنه بالنور، وكما تقول الفلاسفة بأن الكواكب السبع والاثني عشر برجا تحدث أمورا من غير إحداث الله لها.
وكما تقول: المنانية بأزلية الطبائع الأربع وأنها كانت بسائط غير
ممتزجة ثم حدث الامتزاج بينها فحدث العالم بامتزاجها، وكثير من المشركين قد يظن في آلهته شيئا من نفع أو ضر، بدون أن يخلق الله ذلك، فهؤلاء جميعا مشركون في الربوبية بهذا الاعتبار مع اعتقاد جميع هذه الطوائف أن العالم بأسره مخلوق مربوب، للكبير المتعال، غير أن هناك من يجحد ربوبية