المشركين كانوا يقرون بهذا وهم مشركون كما تقدم بيانه بل ٠ (الإله) الحق هو الذي يستحق أن يعبد، فهو إله بمعنى (مألوه) لا بمعنى (إله) والتوحيد أن تعبد الله وحده لا شريك له والإشراك أن تجعل مع الله إلها آخر.
ش: يعني أن النوع الثالث من أنواع التوحيد عند أرباب الكلام والتصوف، هو قولهم أن لله واحد في ذاته لا قسيم له ولا جزء له ولا بعض له وهذا كلام مجمل مشتمل على حق وباطل فقد يراد به معنى صحيح كما إذا قصد به أن الله سبحانه لا يجوز عليه أن يتفرق بل هو أحد صمد. وقد يراد به نفي صفاته، وحينئذ فهم إنما يقصدون تعطيل حقائق أسمائه وصفاته التي هي من لوازم ذاته المقدسة زاعمين أن ذلك من التوحيد. وبما ذكر ينكشف زيغهم ويتضح باطلهم، فإن هذه المعاني التي تتناولها عباراتهم فيها ما يوافق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وفيها ما يخالفه. وليس الحق الذي فيها هو الغاية التي جاء بها الرسول بل التوحيد الذي جاء به أمر يتضمن الحق الذي في هذا الكلام وزيادة أخرى، ومقالتهم هذه هي الكلام الذي لبس فيه الحق بالباطل فلو أقر الإنسان بما يستحقه الرب تعالى من الصفات ونزهه عن كل ما تنزه عنه وأقر بأنه وحده خالق كل شيء لم يكن موحدا حتى يقر بأن لله وحده هو الإله المستحق للعبادة، والإله بمعنى المألوه المعبود الذي يستحق العبادة ليس هو الإله بمعنى القادر على الخلق.
قال ابن جرير: الله أصله الألاه أسقطت الهمزة التي هي فاء الكلمة فالتقت اللام التي هي عين الاسم واللام الزائدة وهي الساكنة فأدغمت في الأخرى فصارتا في اللفظ لاما واحدة مشددة، وأما تأويل الله فإنه على معنى ما روي لنا عن ابن عباس قال: هو الذي يألهه كل شيء ويعبده كل خلق. وساق بسنده عن الضحاك عن عبد الله بن عباس قال: الله ذو الألوهية