يقربون من جهم في مسائل القدر والإيمان مع مقاربتهم له أيضا في نفي الصفات. والكلابية والأشعرية خير من هؤلاء في باب الصفات فإنهم يثبتون لله الصفات الفعلية، وأئمتهم يثبتون الصفات الخبرية أيضا كما فصلت اقوا لهم في غير هذا الموضع. وأما في باب القدر ومسائل الأسماء والأحكام فأقوالهم متقاربة، والكلابية: هم أتباع أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب، الذي سلك الأشعري خطته وأصحاب بن كلاب كالحارث المحاسبي، وأبي العباس القلانسي ونحوهما خير من الأشعرية في هذا وهذا.
فكلما كان الرجل إلى السلف والأئمة أقرب كان قوله أعلى وأفضل. والكراميه قولهم في الإيمان قول منكر لم يسبقهم إليه أحد، حيث جعلوا الإيمان قول اللسان وإن كان مع عدم تصديق القلب فيجعلون المنافق مؤمنا. لكنه يخلد في النار فخالفوا الجماعة في الاسم دون الحكم وأما في الصفات والقدر والوعد، فهم أشبه بأكثر طوائف المتكلمين الذين في أقوالهم مخالفة للسنة.
ش: يعني أن رئيس أهل التعطيل وزعيم القائلين بأن العبد مجبور على أفعاله لا مشيئة له فيها ولا اختيار هو جهم، فقد كان يقول بذلك. وقاربه في هذا المذهب الشنيع طائفة النجارية وفرقة الضرارية فقد شابهت هاتان الطائفتان جهم في التعطيل وفي الغلو في إثبات القدر، والجهمية يشبهون المشركين حيث يقولون أن التدبير في أفعال الخلق كله لله تعالى، وهي كلها اضطرارية كحركات المرتعش والعروق النابضة وحركات الأشجار، والمشركون يقولون: لو شاء الله ما أشركنا، فالكل مخاصم لله ومحتج بالقدر، لكن فرق ما بين الجهمية والمشركين أن الجهمية يؤمنون بما يأمر الله به من أوامر كإفراده بالعبادة وسائر الطاعات وما ينهى عنه من نواهي كالشرك وسائر المعاصي، وأثبتوا ما يترتب على ذلك من الجزاء ولكن يضعف إيمانهم بذلك قولهم بالإرجاء. والكلابية والأشاعرة خير من هؤلاء