للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجهمية ومن قاربهم حيث أن أصحاب ابن كلاب والمنتسبين إلى أبي الحسن الأشعري يثبتون لله الصفات الفعلية الاختيارية كالاستواء والنزول والمجيء لفصل القضاء ونحو ذلك، كما أن زعماء هاتين الطائفتين يثبتون بالإضافة إلى الصفات الفعلية الصفات الخبرية كالوجه واليدين ونحو ذلك كما قد بسط الكلام في هذا المقام في غير هذا الموضع. وهذه الطوائف جميعا يتشابهون في مسألة الأسماء كالفاسق والكافر والمؤمن كما يتشابهون في مسألة الحكم على بعض الناس بالإيمان والكفر والفسوق، كما يتشابهون أيضا في التخبيط في قدر الله السابق. والكلابية هم المنسوبون إلى أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان التميمي البصري المتكلم رئيس الطائفة الكلابية وهو من المنتسبين إلى السنة، كانت بينه وبين المعتزلة مناظرات في زمن المأمون. وتوفي سنة أربعين ومائتين. ويقال له ابن كلاب لشدة مجادلته في مجلس المناظرة، وهو لقب له مأخوذ من الكلاب الذي هو المهماز وهو الحديدة التي على خف رائض الخيل. لا أن كلابا جده. ولهذا يصح أن يقال الكلابي بدل ابن كلاب. وابن كلاب هذا الذي سلك الأشعري منهجه في كثير من الأقوال الكلامية حين جرى بينه وبين أستاذه الجبائي المعتزلي مناظرة في مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة فأيد مقالتهم بمناهج كلامية. ابن كلاب هذا خير في الأشعرية في مسائل الإيمان والصفات كما أنه أيضا خير منهم في مسائل الأسماء والأحكام والقدر، كما أن أصحاب ابن كلاب كالحارث المحاسبي وأبي العباس القلانسي وأمثالهما من أصحابه هم أيضا خير من الأشاعرة في المسائل المذكورة. والضابط في هذا التفضيل، أنه كلما كان القول أقرب إلى الكتاب والسنة كان أعلى وأفضل من غيره، والكرامية لهم في مسألة الإيمان قول شنيع لم يسبقهم إليه أحد من الطوائف، وهو قولهم أن الإيمان يكفي فيه مجرد النطق باللسان وإن كان القلب غير مصدق، وعلى هذا فالمنافق عندهم مؤمن لكنهم يحكمون عليه بالخلود في النار فهو عندهم مؤمن في الاسم لا في الحكم، أما رأي الكرامية في مسائل

<<  <  ج: ص:  >  >>