النار ويخرجونهم من الإيمان بالكلية ويكذبون بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره زعما منهم أنه إذا أوعد عبيده فلا يجوز أن لا يعذبهم ويخلف وعيده، كما يغلون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويدخلون تحت ستار ذلك الخروج على الأئمة، بينما الجهمية المرجئة لا يجزمون بشيء من الوعد والوعيد، بل يغلون في إرجاء كل أمر فلا يجزمون بثواب من تاب كما لا يجزمون بعقوبة من لم يتب، وبذلك يضعف جانب إثباتهم للأمر والنهي والجزاء على الأعمال، غير أن المعتزلة وأن عظموا جانب الأمر والنهي فهم مكذبون بقدر الله السابق ومعتقدون بأن العبد يخلق فعل نفسه، ومن هذه الجهة فهم مشركون في الربوبية، وإنكارهم للقدر وغلوهم في الوعد والوعيد وإن كان باطلا إلا أنه خير من إثبات القدر مع الغلو فيه، وحينئذ فأهل الكلام وأرباب التصوف المجبرة شر من المعتزلة ونحوهم كالشيعة القدرية فإن هؤلاء يعظمون الأمر والنهي والوعد والوعيد وطاعة الله ورسوله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لكن ضلوا في القدر واعتقدوا أنهم إذا أثبتوا مشيئة عامة وقدرة شاملة وخلقا متناولا لكل شيء لزم من ذلك القدح في عدل الرب وحكمته، وقد غلطوا في ذلك. أما أهل الكلام والتصوف، فأثبتوا القدر وآمنوا بأن الله رب كل شيء ومليكه وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه خالق كل شيء، وهذا حسن وصواب لكنهم قصروا في الأمر والنهي والوعد والوعيد وأفرطوا حتى أفضى بهم ذلك إلى الإلحاد فصاروا من جنس المشركين الذين قالوا:{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} والقدرية يشبهون المجوس، وهؤلاء المتصوفة المجبرة يشبهون المشركين فأولئك القدرية وإن كانوا يشبهون المجوس من حيث أنهم أثبتوا فاعلا غير الله سبحانه فهؤلاء شابهوا المشركين والمشركون شر من المجوس فإن المجوس يقرون بالجزية باتفاق المسلمين، وذهب بعض العلماء إلى حل نسائهم وطعامهم، وأما المشركون فاتفقت الأمة على تحريم نكاح نسائهم. أما إقرارهم على الجزية فجمهور العلماء على أن مشركي العرب لا يقرون بها وإن أقرت المجوس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل الجزية من