إباحيا وكان يقول باستباحة أموال الناس وأنها فيء وأنه ليس لأحد ملك شيء ولا حجزه، والأشياء كلها ملك لله مشاع بين الناس لا يختص به أحد. وقد أمر مزدك أصحابه بتناول اللذات والعكوف على بلوغ الشهوات والأكل والشرب والمواساة والاختلاط وترك استبداد بعضهم على بعض. ولهم مشاركة في الحرم والأهل لا يمتنع الواحد منهم من حرمة الآخر ولا يمنعه، ولهم مذهب في الضيافات ليس هو لأحد من الأمم إذا أضافوا الإنسان لم يمنعوه من شيء يلتمسه كائنا ما كان"، وإذاً فمذهب المزدكية هو أصل الشيوعية الحمراء التي نادى بها كارل ماركس واحتضنها تلميذه لينين مؤسس الدولة الماركسية التي يغطي دخان جحيمها في هذه الأزمان سماء عدد من الأقطار المفتونة بمعسول قولها والمخدوعة ببريق دعايتها التي في ظاهرها الرحمة وفى باطنها العذاب. والخوارج هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حين جرى أمر الحكمين واجتمعوا بحروراء من ناحية الكوفة، وفيهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تحقر صلاة أحدكم في جنب صلاتهم ويحقر صيام أحدكم في جنب صيامهم ولكن لا يجاوز إيمانهم تراقيهم"، وهم المارقة الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم: "سيخرج من ضئضئ هذا الرجل قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"، ويجمع طوائفهم القول بالتبرؤ من عثمان وعلي ويقدمون ذلك على كل طاعة ولا يصححون المناكحة إلا على ذلك. ويكفرون أصحاب الكبائر. وقوله: "غنما يظهر من البدع أولا ما كان أخفى" يعني أن هؤلاء المجبرة لم يكونوا موجودين في عصر الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فإن البدع إنما يظهر منها أولا فأولا الأخفى فالأخفى، كما حدث في آخر عصر الخلفاء الراشدين بدعة الخوارج والشيعة. ثم في آخر عصر الصحابة بدعة المرجئة والقدرية، ثم في آخر عصر التابعين بدعة الجهمية معطلة الصفات. وأما هؤلاء المباحة المسقطون للأمر والنهي محتجين على ذلك بالقدر فهم شر من جميع هذه الطوائف، وإنما حدثوا بعد هؤلاء كلهم، وكان ظهور جهم ومقالته في تعطيل الصفات وفي الجبر والإرجاء في أواخر