الله منه حتى يؤمن بالقدر"، وروى أحمد وأبوداود عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: حدثني أبي قال: "دخلت على عبادة وهو مريض أتخايل فيه الموت فقلت: يا أبتاه أوصني واجتهد لي فقال أجلسوني قال: يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان ولن تبلغ حقيقة العلم بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، قلت: يا أبتاه فكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره؟، قال: تعلم أن ما أخطاك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة" يا بني إنك إن مت ولست على ذلك دخلت النار" وهذا يدل على بشاعة الاحتجاج بالقدر وإنكار الأمر والنهي والوعد والوعيد، والبدعة إنما تقوى وتنتشر كلما بعد الناس عن نور الرسالة وضعف الدعاة إليها، ولما كان القدر من المسائل الشائكة ذات الخفاء والإشكال وجد من ينكره حتى في العهد القريب من نور الرسالة، وقد أنكرت هذه البدعة أشد الإنكار وحوربت أعظم المحاربة، والمجوس هم عبدة النيران القائلون: أن العالم صادر عن أصلين هما النور والظلمة، والمجوس في الأصل النجوس لتدينهم باستعمال النجاسات والميم والنون يتعاقبان. والمجوس أقدم الطوائف وأصلهم من بلاد فارس، وقد نبغوا في علم النجوم، ومن جملتهم المانوية المنسوبون إلى أحد زعمائهم وهو مانىء بن فاتك الحكيم الذي ظهر فى زمان شابور بن أزدشير وذلك بعد عيسى عليه السلام. وقد استخرج مذهبه من المجوسية والنصرانية فهو ثنوي زنديق. ومنهم المزدكية المنسوبون إلى مزدك الذي ظهر في أيام قباذ والد أنوشروان، وقول المزدكية كقوة المانوية في الأصلين إلا أن مزدك كان يقول النور يفعل بالقصد والاختيار، والظلمة تفعل على الخبط والاتفاق. قال الشهرستاني: "وكان مزدك ينهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال، ولما كان أكثر ذلك إنما يقع بسبب النساء والأموال أحل النساء والأموال وجعل الناس شركة فيها كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ"، قال في حاشية الملل نقلا عن ابن خلدون: "مزدك الزنديق كان