للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك إذا وجد السحاب لم ينفذ شعاعها إلى ما تحته فلابد من وجود جسم ينعكس عليه شعاعها مع انتفاء الموانع، وحينئذ فليس وجود السبب كافيا في حصول المسبب بل لابد مع ذلك من انتفاء الموانع. والسمندل هوى كما قال في القاموس المحيط: "طائر بالهند لا يحترق بالنار"، والياقوت هو من الجواهر معرب أجوده الأحمر الروماني. وقد ذكرنا فيما سبق أن أهل الإلحاد يدخلون في مسمى الواحد عندهم نفي أوصاف الرب جل وعلا، فقولهم: "واحد لا قسيم له" مثل قولهم: "الواحد لا يصدر عنه إلا واحد"، ومن المعلوم أنه ليس في كلام العرب بل ولا عامة أهل اللغات أن الذات الموصوفة بالصفات لا تسمى واحدا، بل المنقول بالتواتر عن العرب تسمية الموصوف بالصفات واحدا ووحيدا قال تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} وهو الوليد بن المغيرة وقال تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} ، فسماها وهي امرأة متصفة بالصفات واحدة ويقال إنه أحد الرجلين، ويقال للأنثى إحدى المرأتين ويقال للمرأة واحدة، وللرجل واحد ووحيد، ولم يعرف أنهم أرادوا بهذا اللفظ ما لم يوصف بالصفات أصلا، قال الشيخ: وهذا مما يبين لك خطأ المتفلسفة الذين قالوا: الواحد لا يصدر عنه إلا واحد واعتبروا ذلك بالآثار الطبيعية كالمسخن والمبرد ونحو ذلك فإن هذا غلط، فإن التسخين لا يكون إلا بشيئين (أحدهما) فاعل كالنار (والثاني) قابل كالجسم القابل للسخونة والاحتراق وإلا فالنار إذا وقعت على السمندل والياقوت لم تحرقه، وكذلك الشمس فإشعاعها مشروط بالجسم المقابل للشمس الذي ينعكس عليه الشعاع، وله موانع من السحاب والسقوف وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>