للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان بالشرع وهو الإيمان بالأمر والنهي والوعد والوعيد، كما بعث الله بذلك رسله وأنزل كتبه، والإنسان مضطر إلى شرع في حياته الدنيا، فإنه لابد له من حركة يجلب بها منفعته وحركة يدفع بها مضرته، والشرع هو الذي يميز له بين الأفعال التي تنفعه والأفعال التي تضره، وهو عدل الله في خلقه، ونوره بين عباده فلا يمكن للآدميين أن يعيشوا بلا شرع يميزون به بين ما يفعلونه وما يتركونه وليس المراد بالشرع مجرد العدل بين الناس في معاملاتهم، بل الإنسان المنفرد لابد له من فعل وترك، فإن الإنسان همام حارث كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أصدق الأسماء حارث وهمام" وهو معنى قولهم "متحرك بالإرادات" فإذا كان له إرادة فهو متحرك بها ولابد أن يعرف ما يريده، هل هو نافع له أو ضار وهل يصلحه أو يفسده وهذا قد يعرف بعضه الناس بفطرتهم، كما يعرفون انتفاعهم بالأكل والشرب وكما يعرفون ما يعرفون من العلوم الضرورية بفطرتهم وبعضهم يعرفه بالاستدلال الذي يهتدون إليه بعقولهم، وبعضه لا يعرفونه إلا بتعريف الرسل وبيانها وهدايتهم لهم.

ش: يعني والحاصل مما تقدم أنه لابد من الإيمان بقدر الله السابق وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه خالق كل شيء من أفعال العباد وغيرها وأن الله علم ما سيكون كله قبل أن يكون، كما أنه لابد من الإيمان بما شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله من أوامر ونواهي ووعد ووعيد وأن ذلك هو النهج الصحيح والسبيل المستقيم، وأنه لا حجة لأحد على الله في ترك مأمور أو فعل محظور، كما روى البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقيع الغرقد في جنازة فقالت: "ما منكم أحد إلا قد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة. فقالوا: يا رسول لله أفلا نتكل على الكتاب وندع العمل؟، قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة" ثم قرأ قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>