للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحبونها وهي النصر والفتح وفى الآخرة الجنة وفيه النجاة من النار. وقال تعالى في أول السورة: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} ، ففيه حكمة عائدة إلى الله تعالى وفيه رحمة للعباد وهي ما يصل إليهم من النعمة في الدنيا والآخرة وهكذا سائر ما أمر به، وكذلك ما خلقه سبحانه خلقه لحكمة تعود إليه يحبها، وخلقه لرحمة بالعباد ينتفعون بها. ثم قال رحمه الله: "ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه لا رب غيره ولا خالق سواه، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهو على كل شيء قدير وبكل شيء عليم، والعبد مأمور بطاعة الله وطاعة رسوله، منهي عن معصية الله ومعصية رسوله، فإن أطاع كان ذلك نعمة وإن عصى كان مستحقا للذم والعقاب وكان لله عليه الحجة البالغة ولا حجة لأحد على الله تعالى وكل ذلك كائن بقضاء الله وقدره ومشيئته وقدرته لكن يحب الطاعة ويأمر بها ويثيب أهلها ويكرمهم ويبغض المعصية وينهى عنها ويعاقب أهلها ويهينهم، وما يصيب العبد من النعم فالله أنعم بها عليه وما يصيبه من الشر فبذنوبه ومعاصيه كما قال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} ، أي ما أصابك من خصب ونصر وهدى فالله أنعم به عليك وما أصابك من حزن وذل وشر فبذنوبك وخطاياك، فمن نظر إلى الحقيقة القدرية وأعرض عن الأمر والنهي والوعد والوعيد كان مشابها للمشركين، ومن نظر إلى الأمر والنهي وكذب بالقضاء والقدر كان مشبها للمجوسيين، ومن آمن بهذا وبهذا: فإذا أحسن حمد الله تعالى وإذا أساء استغفر الله تعالى وعلم أن ذلك بقضاء الله وقدره فهو من المؤمنين، فإن آدم عليه السلام لما أذنب تاب فاجتباه ربه وهداه، وإبليس أصر واحتج فلعنه الله وأقصاه، فمن تاب كان آدميا، ومن أصر واحتج بالقدر كان إبليسيا. فالسعداء يتبعون أباهم والأشقياء يتبعون عدوهم إبليس" واعلم أن الظلم الذي تنزه الله عنه هو المذكور في مثل قوله سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} أي لا يخاف أن يظلم فيحمل عليه من سيئات غيره ولا يهضم من

<<  <  ج: ص:  >  >>