للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للشيوخ الفضلاء فقد ضل ضلالا مبينا، وإذا فالذين يغلطون ويظنون أن الحقيقة القدرية يجب الاسترسال معها دون مراعاة الحقيقة القدرية الدينية التي تتصمن مرضاة الرب ومحبته وأمره ونهيه ظاهرا وباطنا هؤلاء بالإضافة إلى مخالفتهم لما شرع الله فهم مخالفون أيضا للحس والعقل، فإن الجائع يفرق بين الخبز والشراب والعطشان يفرق بين الماء والسراب فيحب ما يشبعه ويرويه دون ما لا ينفعه، ومن اعتقد هذا الاعتقاد أو مدح هذا الطريق فهو مخالف لصريح المعقول وصحيح المنقول، فقد ذم الله من حرم ما لم يحرمه، أو شرع ما لم يشرعه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ، قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْط} ، وقال سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}

والنسبة في الصوفية إلى الصوف لأنه غالب لباس الزهاد وقد قيل هو نسبة إلى (صوفة بن مراد) قبيلة من العرب كانوا يجاورون حول البيت وأما من قال هو نسبة إلى "الصفة" فقد قيل كان حقه أن يقال "صُفِّية"، وكذلك من قال نسبة إلى "الصفا" قيل له كان حقه أن يقال "صفائية"، ولو كان مقصورا لقيل "صفوية"، ومن قال نسبة إلى الصف المقدم بين يدي الله، قيل له: كان حقه أن يقال: "صفية"، ولا ريب أن هذا يوجب النسبة والإضافة إذا أعطي الاسم حقه من العربية، قال الشيخ: "وقد تكلم بهذا الاسم قوم من الأئمة كأحمد بن حنبل وغيره وقد تكلم به أبو سليمان الداراني وغيره، وأما الشافعي فالمنقول عنه ذم الصوفية، وقد ذم طريقهم طائفة من أهل العلم من أصحاب احمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة وقد مدحه آخرون، والتحقيق فيه أنه مشتمل على الممدوح والمذموم كغيره من الطرق وأن المذموم منه قد يكون اجتهاديا وقد لا يكون، وأنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في الرأي فإنه قد ذم الرأي من العلماء طوائف كثيرة وفي المتسميين بذلك من أولياء الله وصفوته وخيار عباده ما لا يحصى عدده إلا الله"، وقد سبقت الإشارة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>