للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله فهو مخطىء خطأ فاحشا، وإذاً فأولى الناس بالله وكتبه ورسله ودينه هم المؤمنون بالحقيقة الدينية والكونية المعطون كل حقيقة حظها من العبادة. والسلوك سلوكان: سلوك الأبرار أهل اليمين وهو أداء الواجبات وترك المحرمات باطنا وظاهرا. والثاني: سلوك المقربين السابقين وهو فعل الواجب والمستحب بحسب الإمكان وترك المكروه والمحرم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" وكلام الشيوخ الكبار، كالشيخ عبد القادر وغيره يشير إلى هذا السلوك، ولهذا يأمرون بما هو مستحب غير واجب وينهون عما هو مكروه غير محرم، وطريق الخاصة طريق المقربين أن لا يفعل العبد إلا ما أمر به ولا يريد إلا ما أمر الله ورسوله بإرادته، وهو ما يحبه الله ويرضاه". وبين الثالث بقوله: "هو الفناء عن وجود السوى بحيث يرى أن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق وأن الوجود فيهما واحد بالعين"، يعني أن الملاحدة القائلين بوحدة الوجود وأنه ما ثم غير، وأن غاية العارفين والسالكين الفناء في الوحدة المطلقة ونفي التكثر والتعدد، لا يفرقون بين كون وجود المخلوقات بالله وبين كون وجودها هو عين وجوده فليس عندهم فرقا بين العالمين ورب العالمين، وإذا فهؤلاء الزنادقة يجعلونه عين الموجودات وحقيقة الموجودات وأنه لا وجود لغيره، لا بمعنى أن قيام الأشياء ووجودها به كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا لله باطل"، فإنهم لو أرادوا ذلك لكان ذلك هو الشهود الصحيح، لكنهم يريدون أنه عين الموجودات وهذا كفر وضلال، وقد سبق بيان هذا في الكلام على القاعدة الخامسة عند قول المؤلف: "حتى آل الأمر بمن يدعي التحقيق والتوحيد والعرفان منهم إلى أن اشتبه عليهم وجود الرب بوجود كل موجود".

<<  <  ج: ص:  >  >>