أخبر الله سبحانه بأنه استجاب له فقال:{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} دعاءه الذي دعانا به في ضمن اعترافه بالذنب {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} بإخراجنا له من بطن الحوت {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} أي نخلصهم من همومهم وقوله صلى الله عليه وسلم: "دعوة أخي ذي النون ... الخ ". هذا الحديث رواه الترمذي وأحمد عن سعد بن أبي وقاص ولفظه سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول:"دعوة أخي ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها مسلم ربه في شيء إلا استجاب له"، وقد سمى صلى الله عليه وسلم قول ذي النون "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" دعوة لأنها تتضمن نوعي الدعاء، فقوله:"لا إله إلا أنت" اعتراف بتوحيد الإلهية وتوحيد الإلهية أحد نوعي الدعاء فإن الإله هو المستحق لأن يدعى دعاء عبادة ودعاء مسألة، وقوله:"إني كنت من الظالمين" صيغة خبر يتضمن طلب المغفرة فإن الطالب السائل تارة يسأل بصيغة الطلب وتارة يسأل بصيغة الخبر، إما بوصف حاله وإما بوصف حال المسئول وإما بوصف الحالتين، كقول نوح عليه السلام:{رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فهذا ليس صيغة طلب وإنما هو إخبار عن الله أنه إن لم يغفر له ويرحمه خسر، ولكن هذا الخبر يتضمن سؤال المغفرة، وكذلك قول آدم عليه السلام:{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} هو من هذا الباب، ومن ذلك قول موسى عليه السلام:{إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} فإن هذا وصف لحاله بأنه فقير إلى ما أنزل الله إليه من الخير وهو متضمن لسؤال الله إنزال الخير.
وقريب من حديث ذي النون الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب:"لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا لله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم".