والاختلاف بينهم في الآراء والمذاهب، كما في الحديث الذي رواه ابن أبي عاصم، وقوله "وغيره": يعني وقد رواه أيضا أبو يعلى بسنده عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار فأكثروا منهما فإن إبليس قال إنما أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالإغواء فهم يحسبون أنهم مهتدون" وقد روى الطبراني وابن مردويه عن عبد بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الاستغفار - ثم قرأ- {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إله إلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} " وفى ذلك كله حث على كثرة الذكر والاستغفار: ومعنى قوله: "فهم يذنبون ولا يتوبون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" أن أهل البدع والشبهات من هذه الأمة مصرون على ما هم عليه لاعتقادهم أنهم مصيبون، وهذا متناول لكل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها وأن عمله مقبول وهو مخطىء وعمله مردود كما قال تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ، عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ، تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً} وقد فسر الله سبحانه في آية الكهف الأخسرين أعمالا بالذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا أي عملوا أعمالا باطلة على غير شريعة مشروعة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أي يعتقدون أنهم على شيء وأنهم مقبولون، والله جل وعلا يجيب دعاء الداعين ويسمع استغاثة الملهوفين ويتوب على التائبين كما حكى الله ذلك في قصة ذي النون في سورة الأنبياء.
وذو النون هو يونس بن متى ولقب ذا النون لابتلاع الحوت له فإن النون من أسماء الحوت، والمراد بالظلمات ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت، وكان نداؤه هو قوله:{لا إله إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} ، ومعنى {سُبْحَانَكَ} تنزيها لك من أن يعجزك شيء، {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} الذين يظلمون أنفسهم، قال الحسن وقتادة:"هذا القول من يونس اعتراف بذنبه وتوبة من خطيئته قال ذلك وهو في بطن الحوت"، ثم