للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدعوه ويرغب إليه ويستعين به، ويكون مفتقرا إليه في طلب الخير وترك الشر وعليه أن يصبر على المقدور، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وإذا آذاه الناس علم أن ذلك مقدر عليه، ومن هذا الباب احتجاج آدم وموسى لما قال موسى: "يا آدم، أنت أبو البشر خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، لما أخرجتنا ونفسك من الجنة؟، فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه، فبكم وجدت مكتوبا علي من قبل أن أخلق: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} ، قال: بكذا وكذا، فحج آدم موسى"، وذلك أن موسى لم يكن عتبه على آدم لأجل الذنب فإن آدم كان قد تاب منه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ولكن لأجل المصيبة التي لحقتهم من ذلك وهم مأمورون أن ينظروا إلى القدر في المصائب وأن يستغفروا من المعائب كما قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} ، فمن راعى الأمر والقدر- كما ذكر- كان عابدا لله مطيعا له مستعينا به متوكلا عليه، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ش: يعني والقول الجامع للبحث السابق في باب شرع الله وقدره، أنه يجب على العبد في كل منهما أصلان، ففي الأمر عليه الاجتهاد في تحصيل العلم بأوامر الله وامتثالها وهذا هو الأصل الأول، وعليه أن يستغفر الله من زلاته وتقصيره في واجباته وترك المحرمات فلا يتعدى حدود لله وهذا هو الأصل الثاني، ومن أجل أن على العبد أن يفعل المأمور ويترك المحذور ويستغفر عن خطيئته، شرع أن تختم الأعمال بالاستغفار كما في الحديث الذي رواه مسلم بسنده عن ثوبان رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، قيل للأوزاعي وهو أحد رواة الحديث: "كيف الاستغفار؟، قال: يقول أستغفر الله"، وفي آية آل عمران بين الله جل وعلا أن المتقين كانوا إذا تهجدوا بالليل ختموا تهجدهم بالاستغفار. فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>