سبحانه:{الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} ، وكان آخر سورة نزلت هي سورة النصر وفيها أمر الله نبيه بالتسبيح والاستغفار، وقد روى ابن جرير بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان رسول لله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول سبحان الله وبحمده وأستغفر الله وأتوب إليه فقلت يا رسول الله أراك تكثر من قوة سبحان الله وبحمده وأستغفر الله وأتوب إليه، فقال: خبرني ربي أني سأرى علامة من أمتي فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده وأستغفر الله وأتوب إليه فقد رأيتها"، {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} - فتح مكة- {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً} فقد أمر الله نبيه بعد أن بلغ الرسالة وجاهد في الله حق جهاده وأتى بما أمر الله به مما لم يصل إليه أحد غيره أن يستغفر. وقوله:"وفي الصحيح" يعني وفي الحديث الصحيح فقد رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها كما تقدم بيانه، والشاهد منه استغفاره صلى الله عليه وسلم وامتثاله ما أمر به في قوله سبحانه:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} . وعليه في باب القدر أن يستعين بالله في فعل المأمور واجتناب المحذور ويرغب إلى الله فيلجأ إليه ويسأله المدد والعون والتأييد، وأن ييسر له اليسرى ويجنبه العسرى وهذا هو الأصل الأول، وعليه أن يصبر على ما قضاه الله وقدره عليه من المصائب والآلام فلا يجزع أو يتسخط بل يعلم أن ذلك من عند الله فيرضى ويسلم، وأن يعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء أن ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، وهذا هو الأصل الثاني. ومن قبيل الرضا بالمقدور ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في احتجاج آدم وموسى عليهما السلام لما قال له موسى: "أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وعلمك أسماء كل شيء، لما أخرجتنا ونفسك من الجنة؟، فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه وخط لك التوراة بيده فبكم وجدت مكتوبا علي قبل أن أخلق {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}