للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بأربعين عاما (كما في رواية مسلم) قال فحج آدم موسى"، فآدم عليه السلام أنما حج موسى لأن موسى لامه على ما فعل لأجل ما حصل لهم من المصيبة بسبب أكله من الشجرة، لم يكن لومه لأحق حق الله في الذنب فإن آدم كان قد تاب من الذنب فتاب عليه. قال تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} ، وقال تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} ، وموسى ومن هو دون موسى يعلم أنه بعد التوبة والمغفرة لا يبقى ملام على الذنب، وآدم أعلم بالله من أن يحتج بالقدر على الذنب وموسى عليه السلام أعلم بالله تعالى من أن يقبل هذه الحجة فإن هذه لو كانت حجة على الذنب لكانت حجة لإبليس عدو آدم وحجة لفرعون عدو موسى وحجة لكل كافر وفاجر ولبطل أمر الله ونهيه، بل إنما كان القدر حجة لآدم على موسى لأنه لام غيره لأجل المصيبة التي حصلت له بفعله ذلك، وتلك المصيبة كانت مكتوبة وقد قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} .

وحينئذ فالعباد مأمورون باتباع المأمور وترك المحذور والصبر على المقدور وعدم ملاحظة القدر المحض بدون اتباع الأمر والنهي خلافا لأولئك الصوفية الذين شهدوا القدر وتوحيد الربوبية وغابوا عن الفرق الإلهي الديني الشرعي الذي يفرق بين محبوب الحق ومكروهه. وبالمراعاة الصحيحة لقدر لله وشرعه يصير الإنسان عابدا حقيقة فيكون مع الذين أنعم الله عليهم من أنبياء وصديقين وشهداء وصالحين وكفى بهذه الصحبة غبطة وسعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>