للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفسوق، بل كثير منهم يرتد عن الإسلام لأن العاقبة للتقوى ومن لم يقف عند أمر الله ونهيه فليس من المتقين فهم يقعون في بعض ما وقع المشركون فيه، تارة في بدعة يظنونها شرعة، وتارة في الاحتجاج بالقدر على الأمر، والله تعالى لما ذكر ما ذم به المشركين في سورة الأنعام ذكر ما ابتدعوه من الدين وجعلوه شرعة كما قال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} ، واعلم أن الكشف والتأثير منه ما هو محمود نافع ومنه ما هو مذموم ضار، كما أنهما قد يقعان للمؤمن الطائع وقد يقعان للمنافق والفاجر، فالأول هو علم الدين والعمل به والأمر به، بأن يؤتى الإنسان من علم الدين والعمل به ما يستعمل به الكشف والتأثير الكوني بحيث تقع الخوارق الكونية تابعة للأوامر الدينية، أو أن تخرق له العادة في الأمور الدينية بحيث ينال من العلوم الدينية ومن العمل بها ومن الأمر بها ومن طاعة الخلق فيها ما لم ينله غيره في مطرد العادة، فهذا أعظم الكرامات والمعجزات وهو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأمثالهم من المؤمنين المتقين. والثاني: كمخاطبة الشياطين، للمستغيث بغير الله من غائب وميت وقضائهم حوائجهم ودفعهم عنهم بعض ما يضرهم فيظن أحدهم أن الولي أو الميت هو الذي فعل ذلك فيقول أحدهم هذا سر المستغاث به وحاله وإنما هو الشيطان تمثل به ليضل المشرك المستغيث به فقد تدخل الشياطين في الأصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم كما كان ذلك في أصنام مشركي العرب.

قال الشيخ رحمه الله: ومن هؤلاء من يأتي إلى قبر الشيخ الذي يشرك به ويستغيث به فينزل عليه من الهواء طعام أو نفقة أو سلاح أو غير ذلك مما يطلبه فيظن ذلك كرامة شيخه وإنما ذلك كله من الشياطين، وهذا من أعظم الأسباب التي عبدت بها الأوثان، وقوله: "فالأولون لهم دين ضعيف ولكنه مستمر باق إن لم يفسده صاحبه بالجزع والعجز وهؤلاء لأحدهم حال وقوة ولكن لا يبقى له إلا ما وافق فيه الأمر واتبع فيه السنة"

<<  <  ج: ص:  >  >>