للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني أن الصنف الثاني وهو من عنده عبادة وليس له صبر ولا استعانة، له دين ضعيف ومع ضعفه فهو باق مستمر إن لم يغلب على صاحبه الكسل والخمول، وأما هذا الصنف فعنده عمل وصبر ولكن لا يبقى معه من أعماله إلا ما كان على مقتضى شرع الله الذي أنزله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".

والرابع: وهو شر الأصناف من يعرض عن عبادة لله والاستعانة به فلا يلاحظ أنه خلق لعبادة لله ولا يدرك أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، في حين أن العبادة هي الغاية التي خلق الجن والإنس من أجلها فالعبد لا يكون مطيعا لله ورسوله فضلا أن يكون من خواص أوليائه المتقين إلا بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، وفى حين أن العبد عاجز عن الاستقلال في جلب مصالحه ودفع مضاره ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل فمن أعانه الله فهو المعان ومن خذله فهو المخذول، وهذا تحقيق معنى لا حول ولا قوة إلا بالله فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات وترك المحذورات والصبر على المقدورات كلها، فالصبر واجب على المؤمن حتما وفي الصبر خير كثير، فإن الله أمر به ووعد عليه جزيل الأجر قال عز وجل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ، وقال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} .

قوله:

فالمعتزلة ونحوهم من القدرية، الذين أنكروا القدر هم في تعظيم

الأمر والنهي والوعد والوعيد، خير من هؤلاء الجبرية القدرية، الذين يعرضون عن الشرع والأمر والنهي، والصوفية هم في القدر ومشاهدة توحيد الربوبية خير من المعتزلة ولكن فيهم من فيه نوع بدع مع إعراض عن بعض الأمر والنهي والوعد والوعيد حتى يجعلوا الغاية هي مشاهدة توحيد الربوبية والفناء في ذلك ويصيرون أيضا معتزلة لجماعة المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>