عليها وجلست بين يديه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما يضيرك أيضيرك أن تقول لا إله إلا الله فهل تعلم من إله سوى الله؟، قال: قلت: لا. ثم تكلم ساعة ثم قال: ما يضيرك أن تقول الله أكبر، أو تعلم شيئا أكبر من الله؟، قال: قلت لا، قال: فإن اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضلال، قال فقلت: فإني حنيف مسلم، قال: فرأيت وجهه ينبسط فرحا"، وكون اليهود مغضوب عليهم هو من جهة عدم العمل فهم يعلمون الحق ولا يتبعونه قولا أو عملا وكون النصارى ضالين هو من جهة عملهم بلا علم فهم يجتهدون في أصناف من العبادات بلا شريعة من الله ويقولون على الله ما يعلمون. وهذا معنى قول الشيخ "وذلك أن اليهود عرفوا الحق ولم يتبعوه والنصارى عبدوا الله بغير علم" ومن أجل وصف اليهود والنصارى بما ذكر كان السلف رحمهم الله يقولون "احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون "، وذلك أن الأول يشبه المغضوب عليهم الذين يعلمون الحق ولا يتبعونه، والثاني: يشبه الضالين الذين يعلمون بغير علم، قال سفيان بن عينية: "من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى"، ومع أن الله قد حذرنا سبيل اليهود والنصارى فلابد من وقوع ما قدره الله وقضاه مما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟، قال: فمن"، وفيما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع، فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟، قال: ومن الناس إلا أولئك". قال الشيخ رحمه الله: فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى وهم أهل الكتاب ومضاهاة لفارس والروم وهم الأعاجم، وقد كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن التشبه بهؤلاء وليس هذا إخبارا عن جميع الأمة بل قد تواتر عنه أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة"، وأخبر صلى الله عليه وسلم: "أن الله لا