يجمع هذه الأمة على ضلالة وأن الله لا يزال يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم فيه بطاعته"، وإذاً فالفرقة والاختلاف لابد من وقوعهما في الأمة ولكن كان صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من ذلك لينجو من الوقوع فيه من شاء الله له السلامة، وهذا كله خرج منه مخرج الخبر عن وقوع ذلك والذم لمن يفعله كما كان يخبر عما يفعله الناس بين يدي الساعة من الأشراط والأمور المحرمات فعلم أن مشابهة هذه الأمة لليهود والنصارى وفارس والروم مما ذمه الله ورسوله. قال الشيخ: "ولا يقال فإذا كان الكتاب والسنة قد دلا على وقوع ذلك فما فائدة النهي عنه، لأن الكتاب والسنة أيضا قد دلا على أنه لا يزال في هذه الأمة طائفة متمسكة بالحق الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة وأنها لا تجتمع على ضلالة، ففي النهي عن ذلك تكثير لهذه الطائفة المنصورة وتثبيتها وزيادة إيمانها، والشاهد من آيتي طه والبقرة هو الحث على الاعتصام بحبل الله ولزوم الصراط المستقيم إذ في ذلك سعادة الدنيا والآخرة فلا ضلال في الدنيا ولا شقاء في الآخرة، بل إيمان ويقين ولذة واطمئنان وفوز وفلاح، وهذا بخلاف ما يحصل لليهود والنصارى ومن على شاكلتهم في الزيغ والإلحاد والكفر والعناد، مما وصفه الله عز وجل بقوله:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى، وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} ، وقوله:{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ، وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، وأثر ابن عباس رواه بن أبي حاتم والبيهقي في الشعب ولفظه عن ابن عباس قال:"أجار الله تابع القرآن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة، ثم قرأ {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} ، قال: لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة"، وأخرج بن أبي شيبة والطبراني عن ابن عباس