للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إغماضٍ وتأسفٍ على فوت الربح، فنفسه متعلقة به لم ينقطع طمعها منه. وهذا معلوم بالمشاهدة، فمن كمال الشريعة ومحاسنها النهي عن الربح فيه حتى يستقر عليه ويكون من ضمانه فييأس البائع من الفسخ وتنقطع علقه عنه١.

ويستثنى من النهي عن ربح ما لم يضمن بيع الثمار بعد بدو صلاحها وهي على رؤوس الشجر، ذلك أنه يجوز بيعها وهي كذلك على الصحيح، وإذا أصابتها جائحة من ريحٍ وغيره فإنها من ضمان البائع، وإنما جوز هذا البيع للحاجة إليه، فإن الثمار قد لا يمكن بيعها إلا كذلك، فلو منعناه من بيعها أضررنا به، ولو جعلناها من ضمانه إذا تلفت بجائحة أضررنا به أيضاً، فجاز البيع؛ لأنها في حكم المقبوض بالتخلية، وصارت من ضمان البائع بالجائحة؛ لأنها ليست في حكم المقبوض من جميع الوجوه٢. والله أعلم.

والناظر في أسواق المسلمين اليوم يرى كثيرًا من المعاملات التي يبيع فيها بعض الناس ما ليس عنده، فإذا علم التاجر حاجة شخص إلى سلعة ما؛ كسيارة أو أثاث أو غيرهما، والحال أن هذا الشخص لا يستطيع شراء هذه السلعة بالنقد، فيقول له التاجر: أنا أشتري لك هذه السيارة وأبيعها لك مؤجلة بكذا، فيربح ما لم يضمن، فلا يجوز له أن يبيعها حتى يقبضها القبض الشرعي الذي سبق ذكره، ثم بعد ذلك للمشتري الخيار في الشراء.

ومن هذه الصور أيضًا ما يفعله بعض التجار في بعض الأسواق؛ كأسواق الماشية أو السيارات أو غيرهما؛ فيشتري سيارة في السوق، ثم يعرضها للبيع وهي في مكانها، وقد يشتريها آخر، ويعرضها للبيع مرة أخرى،


١ تهذيب السنن (٩/٢٩٨) .
٢ انظر: تهذيب السنن (٩/٢٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>