للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة الأحاديث السابقة:

يستفاد مما تقدم النهي عن بيع الغرر.

والغرر هو الخطر١. وهو ما طوى عنك علمه وخفي عليك باطنه وسرُّه٢.

والنهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع، ويدخل فيه مسائل كثيرة غير منحصرة٣. فكل بيع كان المقصود منه مجهولاً غير معلومٍ، ومعجوزاً عنه غير مقدورٍ عليه فهو غرر.

وإنما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه البيوع تحصيناً للأموال أن تضيع وقطعاً للخصومة والنزاع أن يقعا بين الناس فيها٤.

والمراد بالغرر المنهي عنه ما كان غرراً ظاهراً يمكن الاحتراز عنه، فأما ما تدعو إليه الحاجة، ولا يمكن الاحتراز عنه كأساس الدار وشراء الحامل مع احتمال الحمل واحد أو أكثر، وذكر أو أنثى، وكامل الأعضاء أو ناقصها، وكشراء الشاة في ضرعها لبن ونحو ذلك، فهذا يصح بيعه بالإجماع.

ونقل العلماء الإجماع أيضاً في أشياء غررها حقير، منها: أن الأُمَّة أجمعت على صحة بيع الجبة المحشوة وإن لم يُر حشوها، ولو باع حشوها منفرداً٥ لم يصح.


١ الصحاح (٢/٧٦٨) ، مادة (غرر) .
٢ معالم السنن (٣/٦٧٢) .
٣ شرح صحيح مسلم (١٠/١٥٦) .
٤ معالم السنن (٣/٦٧٢) .
٥ أي: وهو في الجبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>