يعضُّ سِواراها جلانَا لَوَ أنَّها ... إذا بلغا الكفَّينِ أنْ يتقدَّما
وقال الحسن بن وهب:
الدَّمعُ مِنْ عينيْ أخيكَ غزيرُ ... في ليلهِ ونهارهِ محدورُ
ذكرٌ يجولُ بها الضَّميرُ كأنَّما ... يُذكَى بها تحتَ الفؤادِ سعيرُ
وقال علي بن محمد العلوي:
شآكَ الزَّمانُ بكرِّ الزَّمانِ ... وأفناكَ مِنْ كرِّهِ كلُّ فانِ
إساءةُ دهركَ محفوفةٌ ... بما لمْ يكنْ للصِّبى في ضمانِ
لياليَ لا يشبعُ النَّاظرا ... نِ مَا قابلاكَ ولا يُروَيانِ
لياليَ لمْ يكتسِي العارضا ... نِ شيباً ولمْ يقصصِ الشَّاربانِ
فإنْ يكُ هذا الزَّمانُ انقضى ... وبُدِّلتَ أخبارهُ بالعيانِ
فلا بالقِلى تتناسَى الصِّبى ... ولا بالرِّضا رضيَ العاذلانِ
ونازلةٍ كنتُ مِنْ حدِّها ... علَى غزرٍ مثلَ حدِّ السِّنانِ
ومِنْ نكباتِ خطوبِ الزَّمانِ ... أُلاحظُها بجنانِ الجبانِ
ألا هلْ سبيلٌ إلى نظرةٍ ... بكُوفانَ يحيَى بها النَّاظرانِ
وهلْ أدنوَنْ مِنْ وجوهٍ نأتْ ... وهنَّ منَ النَّفسِ دونَ الدَّواني
أُناسٌ همُ الأُنسُ دونَ الأنيسِ ... وجنَّاتُ عيشكَ دونَ الجنانِ
وله أيضاً:
واهاً لأيَّامِ الشَّبا ... بِ وما لبسنَ منَ الزَّخارفْ
وزوالهنَّ بمَا عرفْ ... تُ منَ المناكرِ والمعارفْ
أيَّامَ ذكركَ في دوا ... وينِ الصِّبى صدرَ الصَّحائفْ
وقفَ النَّعيمُ عنِ الصَّبا ... وزَلَلْتُ عنْ تلكَ الموقفْ
وقال البحتري:
أرسومُ دارٍ أمْ سطورُ كتابِ ... ذهبتْ بشاشتُها معَ الأحقابِ
يجتازُ زائرُها بغيرِ لُبانةٍ ... ويُردُّ سائلُها بغيرِ جوابِ
ولربَّما كانَ الزَّمانُ محبَّباً ... فنبَا بمنْ فيها منَ الأحبابِ
أيَّامَ عُودُ الدَّهرِ أخضرُ والهوَى ... تربٌ لبيضِ ظِبائها الأترابِ
لوْ تُسعفينَ وما سألتُ مشقَّةً ... لعدلتِ حرَّ جوًى ببردِ رُضابِ
ولئنْ شكوتُ ظَمايَ إنَّكِ لَلَّتي ... قِدماً جعلتِ منَ السَّرابِ شرابِي
وعُتبتُ مِنْ حُبِّيكِ حتَّى إنَّني ... أخشَى ملامكِ أنْ أبثَّكِ ما بي
وقال أيضاً:
سقَى اللهُ عهداً مِنْ أُناسٍ تصرَّمتْ ... مودَّتهمْ إلاَّ التَّوهُّمُ والذِّكرُ
وفاءٌ منَ الأيَّامِ رجعُ حُدوجهمْ ... كما أنَّ تشريدَ الزَّمانِ بهمْ غدرُ
هلِ العيشُ إلاَّ أنْ تُساعفنا النَّوى ... بوصلِ سعادٍ أوْ يساعدَنا الدَّهرُ
علَى أنَّها ما عندَها لمُواصلٍ ... وصالٌ ولا عنها لمصطبرٍ صبرُ
إذا ما نهَى النَّاهي فلجَّ بيَ الهوَى ... أصاختْ إلى الواشي فلجَّ بها الهجرُ
ويومَ تثنَّتْ للوداعِ وسلَّمتْ ... بعينينِ موصولٌ بلحظِهما السِّحرُ
توهَّمتُها ألوَى بأجفانها الكرَى ... كرَى النَّومِ أوْ مالتْ بأعظُمها الخمرُ
وقال المرار الفقعسي:
ألا ذكِّراني يا خليليَّ ما مضَى ... منَ العيشِ إذْ لمْ يبقَ إلاَّ تذكُّري
وإذْ لاهتزازِ العيشِ بالرَّكبِ لذَّةٌ ... وإذْ كلُّ شربٍ باردٍ لمْ يُكدَّرِ
وإذْ أنتَ لمْ تشعرْ بعينٍ سخينةٍ ... بكتْ مِنْ فراقٍ لكنِ الآنَ فاشعرِ
وقال أبو صخر الهذلي:
وإنِّي لتعرُوني لذكراكِ رعشةٌ ... كما انتفضَ العصفورُ بلَّلهُ القطرُ
عجبتُ لسعيِ الدَّهرِ بيني وبينَها ... فلمَّا انقضَى ما بينَنا سكنَ الدَّهرُ
أمَا والَّذي أبكَى وأضحكَ والَّذي ... أماتَ وأحيَى والَّذي أمرهُ الأمرُ
لقدْ تَرَكتْني أحسدُ الوحشَ أنْ أرَى ... أليفَيْنِ منها ما يروعُهما الذُّعرُ
هجرتكِ حتَّى قلتِ لا أعرفُ القِلَى ... وزرتكِ حتَّى قلتِ ليسَ لهُ صبرُ
فيا هجرَ ليلَى قدْ بلغتَ بيَ المدَى ... وزدتَ علَى ما لمْ يكنْ يبلغُ الهجرُ
وقال السري بن مغيث النوفلي:
ألا هلْ مُقيتي اللهُ في أنْ ذكرتُها ... وهنَّ بأعلَى ذاتِ عرقٍ خواضعُ
سُحيراً وأصحابِي يلبُّونَ بعدَما ... بدَا وجهُ مشهورٍ منَ الصُّبحِ ساطعُ