فما من نعيمِ العيشِ بعدكِ لذَّةٌ ... ولا لسرورٍ لستِ فيهِ سرورُ
والَّذي يقول:
بأكنافِ الحجازِ هوًى دفينُ ... يؤرِّقُني إذا هدَتِ العيونُ
أحنُّ إلى الحجازِ وساكنيهِ ... حنينَ الإلفِ فارقهُ القرينُ
وأبكي حينَ ترقدُ كلُّ عينٍ ... بكاءً بينَ زفرتهِ أنينُ
وقال آخر:
ذكرتُكِ ذكرى هائمٍ بكِ تنتهي ... إليكِ أمانيهِ وإنْ لم يكنْ وصلُ
وليسَتْ بذكرى ساعةٍ بعدَ ساعةٍ ... ولكنَّها موصولةٌ ما لها فصلُ
وقال أبو عطاء السندي:
ذكرتُكِ والخطِيُّ يخطرُ بيننا ... وقدْ نهكَتْ منَّا المُثقَّفةُ السُّمْرُ
فوالله ما أدري وإنِّي لصادقٌ ... أداءٌ عناني منْ ودادكِ أمْ سحْرُ
فإنْ يكُ سحراً فاعذُريني علَى الهوَى ... وإنْ يكُ داءً غيرَهُ فلكِ العُذرُ
وقال آخر:
ألا يا لقومي للصَّبابةِ والذِّكرِ ... وللقدَرِ السَّاري إليكَ ولا تدري
وللشَّيءِ تنساهُ وتذكرُ غيرَهُ ... وللشَّيءِ لا تنساهُ إلاَّ علَى ذكرِ
وقال آخر:
دعاكِ ضمانُ اللهِ يا أمَّ مالكٍ ... ولله أنْ يشفينَ أغنى وأوسعُ
يُذكِّرُنيكِ الخيرُ والشَّرُّ والَّذي ... أخافُ وأرجو والَّذي أتوقَّعُ
وقال مسلم بن الوليد:
يذكِّرُنيكَ البُخْلُ والجودُ والعلى ... وقيلُ الخنا والحلمُ والعلمُ والجهلُ
فألقاكَ عن مكروهِها مُتنزِّهاً ... وألقاكَ في محمودها ولكَ الفضلُ
وقال آخر:
ذكرْتُ بهِ منْ لنْ أُبالي بذكرهِ ... تفرُّقَ شعبٍ في النَّوى مُتزايلِ
وإنَّ امرءاً بالشَّامِ أكثرُ أهلهِ ... وبُطنانَ ليسَ الشَّوقُ عنهُ بغافلِ
وقال آخر:
وذكرْتُ هنداً والمطايا تعتلي ... بالقومِ قد قطعوا العقيقَ وأنجدوا
بعُدَ الطَّريقُ فباتَ يقسمُ أمرهُ ... أيجودُ بالعبراتِ أمْ يتجلَّدُ
ولقدْ حُبستُ علَى البِعادِ فزادني ... طولُ البِعادِ حرارةً لا تبردُ
وقال معاذ ليلَى:
ذكرتُكِ حيثُ استأمنَ الوحشُ والتقتْ ... رفاقٌ منَ الآفاقِ شتَّى شعوبُها
وعندَ الحطيمِ قدْ ذكرتُكِ ذكرةً ... أرى أنَّ نفسي سوفَ يأتيكِ حوبُها
دعا المحرمونَ اللهَ يستغفرونهُ ... بمكَّةَ يوماً أنْ تُمحَّى ذنوبُها
فناديْتُ أنْ يا ربِّ أوَّلُ سِئلتي ... لنفسيَ ليلَى ثمَّ أنتَ حسيبُها
فإنْ أُعْطَ ليلَى في حياتيَ لا يتُبْ ... إلى اللهِ عبدٌ توبةً لا أتوبُها
وقال آخر:
لقدْ زادني الحُجَّاجُ شوقاً إليكمُ ... وما كنتُ قبلَ اليومِ للحجِّ قاليا
وما نظرتْ عيني إلى شخصِ قادمٍ ... من الحجِّ إلاَّ بلَّ دمعي ردائيا
وقال آخر:
فما وجدَتْ كوجدي أمُّ سقْبٍ ... أضاعتْهُ فرجَّعتِ الحنينا
ولا شمطاءُ لمْ تترُكْ شفاها ... لها من تسعةٍ إلاَّ حُنينا
وقال بعض الأعراب:
وما وجدُ أعرابيَّةٍ قذفَتْ بها ... نوى غُربةٍ من حيثُ لم تكُ طُلَّتِ
تمنَّتْ أحاليبَ الرَّعاءِ وخيمةً ... بنجدٍ فلمْ يُقدرْ لها ما تمنَّتِ
إذا ذكرَتْ ماءَ العضاهِ وطيبهُ ... وبردَ الحصى من نحوِ نجدٍ أرنَّتِ
بأعظمَ من وجدٍ بريَّا وجدْتهُ ... غداةَ غدوْنا غُربةً واطمأنَّتِ
فإنْ يكُ هذا آخرَ العهْدِ منهمُ ... فهذا الَّذي كُنَّا ظننَّا وظنَّتِ
وقال الحسين الخليع:
يا مَنْ شغلْتُ بهجرهِ ووصالهِ ... هِممَ المُنى ونسيتُ يومَ معادي
والله ما التقتِ الجفونُ بطرفةٍ ... إلاَّ وذِكرُكَ خاطرٌ بفؤادي
وقال ذو الرمة:
إذا خطرَتْ من ذكرِ ميَّةَ خطرةٌ ... علَى القلبِ كادَتْ في فؤادِكَ تجرحُ
علَى حينِ راهقْتُ الثَّلاثينَ وارعوَتْ ... لِداتي وكادَ الحلمُ بالجهلِ يرجحُ
ذكرتُكِ أنْ مرَّتْ بنا أمُّ شادنٍ ... أمامَ المطايا تشرئبُّ وتسنحُ
رأتنا كأنَّا عامدونَ لقصدِها ... بهِ فهيَ تدنو تارةً وتزَحْزحُ
هيَ الشِّبهُ أعطافاً وجيداً ومُقلةً ... وميَّةُ أبهى بعدُ منها وأملحُ
وأنشدتني أعرابية بالبادية: