المبسوط والمقصور في موضع البسط والقصر "٢٨١/ ٢" ومع الطبع المتمكن والديباجة الكريمة والماء والرونق "٢٢٤ و٢٢٥ جـ٣" ومتى شاكل اللفظ معناه وأعرب عن فحواه وكان لتلك الحال وفقًا، ولذلك القدر لفقًا، وخرج من سماجة الاستكراه وسلم من فساد التكلف والفضول والتعقيد، حبب إلى النفوس واتصل بالأذهان وهشت إليه الأسماع وخف على الألسن وشاع في الآفاق. وكثيرًا ما يكرر الجاحظ اصطلاحات أدبية خاصة مثل "صناعة الكلام""٦٩ و٢٢٠ جـ١" وصناعة المنطق "٤٨ و٦٧و ٢٠٩ و٢٤٢ جـ١" وهو يعني بذلك هذا اللون الخاص من البيان البلاغي الذي يرسم مناهج الأداء.
وعني الجاحظ أكثر ما عني بالخطابة فأطال الكلام في أوصافها وعناصرها وأدواتها ومظاهرها وفي هيئة الخطيب وسمعته، وذكر عيوبها وآفاقها، ودعا الخطيب إلى مراعاة شتى المقامات والأحوال، وإلى أن يطيل حيث تجب الإطالة ويوجز حيث يجب الإيجاز، وذكر أكثر أعلامها ورجالها حتى عصره، كما تكلم على رسالة الخطيب وأثرها في نفسه، وأورد من الخطب القصار والطوال الكثير الرائع.
وتكلم على النثر والمحادثة والكتابة: بلاغتها وعناصرها ومذاهب الكتاب الأدبية فيها، وعلى سحر الحديث المعاد، والسجع مطبوعة ومتكلفة وبلاغة المطبوع منه، وعلى اللحن وبدء ظهوره واللحانين، وكثير من المثل في لحنهم، وذكر الحكم والمواعظ والزهد والدعوات السياسية والدينية وكثيرًا من مثلها، وتكلم على رواية الأدب وطبقات الرواة من نحويين ولغويين وإخباريين وأدباء واتجاهاتهم في الرواية.
كما ذكر الشعر وأثره وخطره وألوانه وطبقات الشعراء، وتحدث عن مذاهب المطبوعين وأصحاب الصنعة منهم، وعن الحوليات ورجالها، وذكر بعد كلام الله ورسوله عن الشعر ومكانة الشعر والشعراء في الجاهلية وكيف غلبته الخطابة أخيرًا بعد التكسب بالشعر وكثرة الشعراء، وحتم على الأدباء الناشئين عرض ثمراتهم الأولى على أولى