للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزاهد، فتقول: الزاهد يشرب ويطرب. وأما؛ لأنه يفيد زيادة تخصيص كقوله:

متى تهزز "بني قطن" تجدهم ... سيوفًا في عواتقهم سيوف

جلوس في مجالسهم رزان ... وإن ضيف ألم فهم خفوف

والمراد هم خفوف. وفيه نظر:

١- لأن قوله: لا نفس الخبر يشعر بتجويز أن يكون المطلوب بالجملة الخبرية نفس الخبر، وهو باطل؛ لأن نفس الخبر تصورًا لا تصديق والمطلوب بها إنما يكون تصديقًا، وإن أراد بذلك وقوع الخبر مطلقًا فغير صحيح أيضًا لما سيأتي أن العبارة عن مثله لا يتعرض فيها إلى ما هو مسند إليه كقولك وقع القيام١.

٢- ثم في مطابقة الشاهد الذي أنشده٢ للتخصيص نظر لما سيأتي أن ذلك مشروط بكون الخبر فعليًّا٣. وقوله٤: والمراد هم خفوف تفسير للشيء بإعادة لفظه.


١ أي يتكفي فيها بذكر الحديث وإثبات وجوده كقولك: وقع القيام على ما سبق.
٢ وهما البيتان السابقان.
٣ أي والخبر ههنا اسم فاعل؛ لأن "خفوف" جمع "خاف" بمعنى خفيف وأجيب عن هذا الاعتراض بمنع هذا الاشتراط لتصريح أئمة التفسير بالحصر في قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيز} ، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيل} ، {مَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا} ، ونحو ذلك مما الخبر فيه صفة لا فعل، وفيه بحث لظهور أن الحصر في قولهم "فهم خفوف" غير مناسب للمقام. وأجيب أيضًا بأنه لا يريد بالتخصيص هنا الحصر بل التخصيص بالذكر، وهذا سديد، لكن في بيان كون التقديم مفيدًا لزيادة التخصيص نوع خفاء.
٤ الضمير يعود على السكاكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>