للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب عبد القاهر في إفادة التقديم للتخصيص:

قال عبد القاهر. وقد يقدم المسند إليه ليفيد تخصيصه بالخبر الفعلي١، إن ولي حرف النفي٢، كقولك: "ما أنا قلت هذا"، أي لم أقله مع أنه مقول، فأفاد نفي الفعل عنك وثبوته لغيرك، فلا تقول ذلك إلا في شيء ثبت أنه مفول وأنت تريد نفي كونك قائلًا له٣، ومنه قول الشاعر٤:

وما أنا أسقمت جسمي به ... ولا أنا أضرمت في القلب نارا

إذ المعنى أن هذا السقم الموجود والضرم الثابت ما أنا جالب لهما، فالقصد إلى نفي كونه فاعلًا لهما لا إلى نفيهما.

ولهذا لا يقال٥ ما أنا قلت ولا أحد غيري. لمناقضة منطوق الثاني مفهوم الأول٦، بل يقال: ما قلت أنا ولا أحد غيري.


١ أي ليفيد التقديم قصر الخبر الفعلي عليه أي قصر المسند على المسند إليه، والخبر الفعلي هو ما أوله فعل وكان فاعله ضمير المسند إليه.
٢ أي وقع بعده بلا فصل أو مع الفصل ببعض المعمولات.
٣ والتخصيص هنا إضافي فهو بالنسبة إلى من توهم المخاطب اشتراكك معه في القول فيكون قصر أفراد أو انفرادك به دونه فيكون قصر قلب.
٤ هو المتنبي.
٥ أي لا يقال ذلك عند التخصيص. أما إذا قصد الإخبار بمجرد عموم النفي فيصح ذلك ويكون "لا غيري" قرينة على ذلك.
٦ لأن مفهوم ما أنا قلت ثبوت قائلية هذا القول لغير المتكلم ومنطوق "لا غيري" نفيها عنه وهما متناقضان.

<<  <  ج: ص:  >  >>