للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كناية عن رؤية محاسنه وآثاره، ومطلق السماع كناية عن سماع أخباره، وكقول عمرو بن معد يكرب١:

فلو أن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجرت٢

لأن غرضه أن يثبت أنه كان من الرماح أجرار وحبس للألسن عن النطق بمدحهم والافتخار بهم حتى يلزم منه بطريق الكناية مطلوبه وهو أنها أجرته. وكقول طفيل الغنوي لبني جعفر بن كلاب.


١ شارع مخضرم فارس اليمن قدم على النبي سنة ٩هـ فأسلم وشهد القادسية في عهد عمر وشهد واقعة نهاوند وبها قتل.
٢ من أبيات في الدلائل ص١٢٢:
ولما رأيت الخيل زورا كأنها ... جداول زرع أرسلت فاسبطرت
فجاشت إلى النفس أول مرة ... فردت على مكروهها فاستقرت
ظللت كأني للرماح دريئة ... أقاتل عن أبناء جرم وفرت
فلو أن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجرت
قال التبريزي: الإجرار هو شق لسان الفصيل لئلا يرضع أمه ويجعل فيه عويد. يقول: لو أنهم أبلوا في الحرب بلاء حسنًا لمدحتهم وذكرت بلاءهم ولكن قصروا فأجروا لساني فما أنطق بمدحهم. وقال الجاحظ "١٥٤/ ٢ البيان": "الجرار عود يعرض في فم الفصيل أو يشق به لسانه لئلا يرضع أمه فيقول: قومي لم يطعنوا بالرماح فأثني عليهم ولكنهم فروا فأمسكت كالفصيل الذي في فمه جرار.
وقد جعل عبد القاهر البيت مثالًا لنوع من أنواع حذف مفعول الفعل "الذي له مفعول مقصود قصده معلوم إلا أنه يحذف من اللفظ لدليل الحال عليه".
والخطيب يخالف عبد القاهر في هذا البيت في أمرين:
١- أنه ذهب إلى أن الفعل هنا منزل منزلة اللازم. ويراه عبد القاهر متعديًا إلا أن مفعوله محذوف.
٢- أنه يرى الفعل مطلقًا كناية اصطلاحية عن نفسه متعلقًا بمفعول مخصوص بخلاف عبد القاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>