للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليبرئ السامع من هذا الوهم، ويصور في نفسه من أول الأمر أن الحز مضى في اللحم حتى لم يرده إلا العظم.

٣- وأما؛ لأنه أريد ذكره ثانيا على وجه يتضمن إيقاع الفعل١ على صريح لفظه٢، إظهارًا لكمال العناية بوقوعه٣ عليه كقول البحتري أيضًا في مدح المعتز بالله:

قد طلبنا فلم نجد لك في السؤ ... دد والمجد والمكارم مثلا٤

أي قد طلبنا لك مثلًا في السؤدد والمجد والمكارم، فحذف المثل إذ كان غرضه أن يوقع نفي الوجود على صريح لفظ المثل. ولأجل هذا المعنى بعينه عكس ذو الرمة في قوله:

ولم أمدح لأرضيه بشعري ... لئيمًا أن يكون أصاب مالًا٥

فإنه أعمل الفعل الأول الذي هو أمدح في صريح لفظ "اللئيم"، والثاني الذي هو أرضى في ضميره، إذا كان غرضه إيقاع نفي المدح على اللئيم صريحًا دون الإرضاء ويجوز أن يكون سبب الحذف في بيت البحتري قصد المبالغة في التأدب مع الممدوح، بترك مواجهته بالتصريح.


١ أي يتضمن إعمال فعل آخر في صريح لفظ ذلك المفعول.
٢ أي لفظ المفعول لا على الضمير العائد عليه.
٣ أي بوقوع الفعل على المفعول.
٤ البيت في الدلائل ص١٢٩. أي قد طلبنا لك مثلًا، فحذف "مثلا" إذ لو ذكره لكان المناسب "فلم نجده" نظرًا إلى الكثير وهو عدم الإظهار في موضع الإضمار -فيفوت الغرض أعني إيقاع عدم الوجدان على صريح لفظ المثل.
٥ البيت في الدلائل ص١٣٠، وهو من قصيدة طويلة لذي الرمة، والشاهد فيه أعمال الفعل الأول في صريح لفظ المفعول وأعمال الثاني في ضميره الذي هو كناية عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>