للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها الإنكار١، إما للتوبيخ: بمعنى ما كان ينبغي أن يكون٢ نحو أعصيت ربك؟ أو بمعنى لا ينبغي أن يكون كقولك للرجل يضيع الحق. أتنسى قديم إحسان فلان؟ وكقولك للرجل يركب الخطر. أتخرج في هذا الوقت أتذهب في غير الطريق والغرض بذلك تنبيه السامع حتى يرجع إلى نفسه فيخجل أو يرتدع عن فعل ما هم به وإما للتكذيب٣ بمعنى لم يكن٤ كقوله تعالى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُكُمْ بِالْبَنِيْنِ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إَنَاثَاً} وقوله: {أَصْطَفْى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِيْنِ} ، وبمعنى لا يكون نحو أنلزمكموها وأنتم لها كارهون، وعليه قول امرئ القيس:

أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال٥


١ راجع ٨٩ وما بعدها من الدلائل، ١٣٦ من المفتاح، وقوله للتوبيخ أي على أمر قد وقع في الماضي أو خيف وقوعه في المستقبل.
٢ أي أن يحدث ويتحقق مضمون ما دخلت عليه الهمزة وذيك في المستقبل نحو أتعصي ربك؟ بمعنى لا ينبغي أن يتحقق العصيان، فهذا لا يقتضي عدم وقوع الموبخ عليه بالفعل وإنما يقتضي كون المخاطب بصدد الفعل.
هذا وإذا حمل الإنكار على المجاز المرسل فالعلاقة بينه وبين الاستفهام أن المستفهم عنه مجهول والمجهول منكر والأولى حمله على الكناية أو جعله من مستتبعات التراكيب.
٣ ويسمى الإنكار التكذيبي بالإنكار الإبطالي.
٤ أي في الماضي -وقوله فيما يأتي: أو بمعنى لا يكون أي في المستقبل. وسكت عن الحال لعدم تأتيه إذ العاقل لا يدعي التلبس بما ليس متلبسًا به حتى يكذب بل يتأتى فيه نفي الانبغاء، وفي الأطول وابن يعقوب أن الإنكار الإبطالي إذا كان بمعنى لا يكون يكون للحال وللاستقبال.
٥ راجع البيت في ٩١ من الدلائل. وسيأتي في الإيضاح أيضًا في باب التشبيه. المشرفي: السيف المنسوب إلى مشارف الشام. المسنونة: السهام المحدودة النصال، ووصفها بالزرقة لخضرتها وصفائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>