للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقولك في مقام الإذن جالس الحسن أو ابن سيرين، ومن أحسن ما جاء فيه قول كثير:

أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلية إن تقلت١

أي: لا أنت ملومة ولا مقلية ووجه حسنة إظهار الرضا بوقوع الداخل تحت لفظ الأمر حتى كأنه مطلوب، أي مهما اخترب في حقي من الإساءة والإحسان فأنا راض به غاية الرضا فعامليني بهما وانظري هل تتفاوت حالي معك في الحالين.

والتهديد٢ كقولك العبد شتم مولاه وقد أدبنه: اشتم مولاك


فإذا استعملت صيغة الأمر في غير طلب الفعل استعلاء -سواء كان الغير طلبًا على جهة غير الاستعلاء أو كان غير طلب- كان لك من خروج صيغة الأمر من غير معناها لغرض بلاغي.
وراجع في هذا ١٣٢ و١٣٧ من المفتاح.
هذا وخروج صيغة الأمر إلى الإباحة إذا استعملت الصيغة في مقام توهم السامع فيه حظر شيء عليه، والعلاقة بين الطلب والإباحة اشتراكهما في مطلق الإذن فهو من استعمال اسم الأخضر في الأعم. هذا ولا يجوز الجمع بين الأمرين في التخيير دون الإباحة فيجوز الجمع بينهما كما يجوز عدم الإتيان بشيء منهما.
١ ملومة بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي لا أنت ملومة. مقلية: من القلي وهو البغض. وتقلت. أبغضت وهو التفات من الخطاب إلى الغيبة.
والبيت من قصيدة لكثير في زهر الآداب"٧٠ و٧١/ ٢ زهر"، وهو في العقد ص١١٦ جـ٢، وفي المفتاح ص١٢٩.
هذا وصيغة الأمر هنا للإباحة وأو قرينة.
٢ والعلاقة بين الطلب والتهديد ما بينهما من شبه النضاد، ومجيئها للتهديد إذا استعملت الصيغة في مقام عدم الرضا بالمأمورية.
وراجع في ذلك المفتاح ص١٣٢- والتهديد التخويف وهو أعم من الإنذار؛ لأن الإنذار إبلاغ مع تخويف وفي الصحاح: الإنذار تخويف مع دعوة، والإنذار على ما في الصحاح، لا يكون إلا من رسول وعلى ما قبله يكون من الرسول وغيره وعلى الرأيين فالإنذار أخص من التهديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>