هذا وبين معنى الإيجاز عموم وخصوص من وجه وذلك؛ لأن كون الكلام أقل من متعارف الأوساط أعم من أن يكون أقل ما يقتضيه ظاهر المقام أو لا وكون الكلام أقل مما يقتضيه ظاهر المقام كذلك أعم من أن يكون أقل من المتعارف أو لا فيتصادقان فيما إذا كان الكلام أقل من عبارة المتعارف ومن مقتضى المقام جميعًا كما إذا قيل "رب شخت". وينفرد الأول في: إذا قال "الخميس نعم" أي هذه نعم. وينفرد الثاني في "رب إني وهن العظم مني". فمثل "هي عصاي" إيجاز بالنسبة لكلام الناس. و"شاكر لك هذا الجميل" إيجاز بالنسبة لهما. و"نعم سافر" إيجاز بالنسبة لكلام الأوساط. وكذلك بين معنيين الإطناب العموم والخصوص الوجهي. ١ أي فيما ذكره السكاكي أو لًا وثانيًا. ٢ إذ كثيًرا ما تحقق معاني الأمور النسبية وتعرف بتعريفات تليق بها كالأبوة والأخوة والبنوة. وجواب هذا أنه لم يرد تعسر بيان معناهما بالتعريف الضابط لكل واحد منهما؛ لأن ما ذكر بيان لمعناهما بل أراد بتعسر التحقيق تعسر التعريف المحتوي على تعيين المقدار لكل بحيث لا يزاد عليه ولا ينقص عنه. ٣ بأن يقال الإيجاز هو الأداء بأقل من المتعارف أو مما يليق بالمقام من كلام أبسط من الكلام المأكور. ٤ إذ لا تعرف كمية متعارف الأوساط -أي عدد كلمات عبارتهم وكيفيتها، التي هي عبارة عن تقديم بعض الكلمات وتأخير بعضها - لاختلاف طبقاتهم. ولا يعرف أن كل مقام أي مقدار يقتضي من البسط حتى يقاس عليه ويرجع إليه. وجواب هذا أن الألفاظ قوالب المعاني فهي على قدرها بحسب الوضع والأوساط الذين لا يقدرون في تأدية المعاني على اختلاف العبارات والتصرف في وظائف الاعتبارات لهم عبارة محدودة معلومة في الكلام تجري فيهما بينهم في المحاورات والمعاملات. وهذا معلوم للبلغاء وغيرهم، فالبناء على المتعارف واضح بالنسبة إليهما جميعًا. وأما البناء على البسط الموصوف فإنما هو معلوم للبلغاء العارفين بمقتضيات الأحوال بقدر ما يمكن نعم البسط فلا يجهل عندهم ما يقتضيه كل مقام من مقدار البسط.