للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفضلهم على المؤمنين خافضون لهم أجنحتهم١ ومنه قول ابن الرومي٢ فيما كتب به إلى صديق له: أني وليك الذي لا يزال تنقاد إليك مودته، من غير طمع ولا جزع، وإن كنت لذي الرغبة مطلبا ولذي الرهبة مهربا، وكذا قول الحماسي٣:

رهنت يدي بالعجز عن شكر بره ... وما فوق شكري للشكور مزيدُ

وكذا قول كعب بن سعد الغنوي٤:

حليم إذا ما الحلم زين أهله ... مع الحلم في عين العدو مهيبُ

فإنه لو اقتصر على وصفه بالحلم لأوهم أن حمله عن عجز فلم يكن صفة مدح فقال: إذا ما الحلم زين أهله، فأزال هذا الوهم وأما بقية البيت فتأكيد للازم ما يفهم من قوله: إذا ما الحلم زين أهله من كونه غير حليم حين لا يكون الحلم زينا لأهله فإن من يكون حليما حين لا يحسن الحلم لأهله لا يكون مهيبا في عين العدو لا محالة فعلم أن بقية البيت ليست تكميلا كما زعم بعض٥ الناس، ومنه قول الحماسي:


١ فعلي الأول التوسع بتضمين الذل معنى العطف، "وعلى" باقية على معناها.
وعلى الثاني "الذل" على معناه والتجوز في استعمال "على" موضع اللام للإشارة إلى أنهم في رفعة واستعلاء على غيرهم من المؤمنين وأن تذللهم تواضعٌ منهم لا عجز.
٢ راجع ٢٠٤ جـ٤ زهر الآداب.
٣ راجع ٢٥٧/ ٢ حماسة، وهي غير منسوبة لقائلها، وراجع البيت أيضا في ٣٩ جـ٢ زهر الآداب.
٤ يرثي أخاه أبا المغوار، راجع ٨٨/ ٣ البيان والتبيين، ٢٧٠/ ٢ الأمالى.
٥ فهي عند المصنف تذييل لتأكيد المفهوم. وفيه نظر لأنا لا نسلم أن من لا يكون حليما حين لا يحسن الحلم يكون مهيبا في عين العدو لجواز أن يكون غضبه مما لا يهاب ويعبأ به، والذي يفهم هنا أن معنى البيت ألطف مما يشعر به كلام المصنف وأن المصراع الثاني تكميل وذلك لأن كونه حليما في حال يحسن فيه الحلم يوهم أنه في تلك الحالة ليس مهيبا لما به من البشاشة وطلاقة الوجه وعدم آثار الغضب والمهابة فنفى ذلك الوهم بالشطر الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>