للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

• فقه المطلب:

١ - دل الحديث على لعب النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صغير بعظم وضاح، وقد ورد الحديث خلوًا من الإسناد، وغلبة الظن قائمة على عدم ثبوته؛ فليس له ذكرٌ في كتاب السُّنَّة المشهورة سوى كتب غريب الحديث، وهي مظنة الغرائب، ولو ثبت فليس فيه حجةٌ على جواز هذه اللعبة؛ إذ فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبها وهو صغير؛ أي: قبل البعثة، وأفعاله -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة ليست مصدرًا للتشريع (١)، ولكن يبقى السؤال هنا ما حكم السباق في اللُّعَب المباحة، التي لم ينص على جوازها النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وليست في معنى ما نص عليه، وذلك مثل لُعبة: «عظم وضاح»؟

فالجواب أن يقال: إن المسألة لا تخلو من أمرين:

الأول: أن تكون بغير عوض فهذه أجمع العلماء على جوازها، قال ابن قدامة: «الإجماع على جواز المسابقة بغير عوض في غير هذه الثلاثة»، وقال: «فأما المسابقة بغير عوض فيجوز مطلقًا من غير تقييد بشيءٍ معين» (٢).

الثاني: أن تكون بعوض (٣)، فهذه اختلف أهل العلم فيها على قولين:


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ١٨/ ١٠: «والكتب التي فيها أخباره -يعني: النبي -صلى الله عليه وسلم- - منها كتب التفسير، ومنها كتب السيرة والمغازي، ومنها كتب الحديث، وكتب الحديث هي ما كان بعد النبوة أخص، وإن كان فيها أمور جرت قبل النبوة؛ فإن تلك لا تذكر؛ لتؤخذ وتشرع فعله قبل النبوة؛ بل قد أجمع المسلمون على أن الذي فرض على بعاده الإيمان به والعمل هو ما جاء به بعد النبوة».
(٢) المغني ١٣/ ٤٠٤ - ٤٠٧، وينظر: فتاوى ابن تيمية ٣٢/ ٢٢٧، الفروسية ص ٩٨ - ٣٠٩.
(٣) وهنا مسألة: هل يدخل في العوض حمل الفريق المغلوب للفريق الغالب من مكان وجود العظم حتى مكان الرمي؟ قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع ١٠/ ٩٤: «قد كان من عادة الصبيان أنهم يتسابقون على الأقدام، فإذا سبق أحدهما الآخر قال له: احملني على ظهرك من منتهى المسابقة إلى ابتدائها فهل هذا جائز؟ هذا لا يجوز؛ لأنه بعوض وهو المنفعة؛ لأن حمله إياه من هذا المكان إلى هذا المكان منفعة فلا تجوز، وقد يقال: إنه يرخص في ذلك للصغار الذين لم يبلغوا وإن لم يرخص للكبار، يعني الصغار يرخص لهم من اللعب ما لا يرخص للكبار». اهـ.
وما ذكره الشيخ -رحمه الله- في أول كلامه أقرب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ٢٢/ ١٤٣: «ما حرم على الرجل فعله حرم عليه أن يمكن منه الصغير»، وينظر ص ٩٤ من هذه الرسالة.

<<  <   >  >>