للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

السبق بالرمي على السهام من النبل دوت غيرها، وقالوا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- عبر عن السهم بجزء منه يختص به، وهو النصل، فهو إذا أطلق انصرف إلى السهم؛ لأنه المعهود استخدامه في وقت النبي -صلى الله عليه وسلم- (١).

وذهب الحنفية (٢)، والشافعية (٣) إلى أن كل سلاح يمكن أن يرمى به، فإنه يجوز أخذ العوض عليه، ويستدلون بحديث أبي هريرة، وقالوا: إنه عام، فيدخل فيه كل سلاح يبتغى به الإصابة (٤).

والقول الثاني هو الراجح؛ لأمور:

الأول: أن لفظ النصل لغةً ليس خاصًا بالسهام فقط، بل يطلق على نصل السيف، والرمح، والحربة، السكين (٥).

الثاني: أنه داخلٌ في عموم قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] وقد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- القوة بالرمي مطلقًا (٦).

الثالث: أنه إنما جاز أخذ العوض على السبْق بالسهام؛ لأنها من معاوِن القتال (٧)، فيقاس عليها غيرها مما يماثلها، أو هو أشد نكاية منها.

وأما الإجابة عن دليل القول الأول بأن التخصيص يحتاج إلى دليل، وليس ثمَّ دليل، فكل ما يرمى به من السلاح إن لم يشمله المعنى اللغوي، فإنه يشمله القياس الصحيح على السهام.

قال الألوسي: «وأنت تعلم أن الرمي بالنبال اليوم لا يصيب هدف القصد من العدو؛ لأنهم استعملوا الرمي بالبندق والمدافع، ولا يكاد ينفع


(١) المغني ١٣/ ١٠٦ - ٤٠٨، شرح الزركشي ٧/ ٥٨.
(٢) تحفة الفقهاء ٣/ ٥٠٣.
(٣) روضة الطالبين ١٠/ ٣٥٠.
(٤) تكملة المجموع ١٠/ ١٤٢، نهاية المحتاج ٨/ ١٦٥.
(٥) معجم مقاييس اللغة ٥/ ٤٣٢، لسان العرب ١١/ ٦٦٢.
(٦) تقدم تخريجه.
(٧) تفسير القرطبي ١٠/ ٥٦ - ٥٧.

<<  <   >  >>