للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولما تكلم الحافظ ابن حجر على حديث المسابقة -بين الخيل- قال: «في الحديث مشروعية المسابقة، وأنه ليس من العبث؛ بل من الرياضة المحمودة الموصلة إلى تحصيل المقاصد في الغزو، والانتفاع بها عند الحاجة، وهي دائرةٌ بين الاستحباب والإباحة بحسب الباعث على ذلك» (١).

٢ - ينبغي عدم الإكثار من ممارسة اللعب، ولو كان مباحًا، وإنما يؤخذ منه بقدر مجَمَّة النفس.

أما أن يصبح طابعَ الحياة، تُشغل بها النفس في الغدايا والعشايا (٢)، ويُعنى به المرء في الخَلوة والجَلوة، ويكون هم مزاولته هدفًا رئيسًا في الحياة، فهذا -بلا شك- خروجٌ باللهو عن بابته، وانحرافٌ به عن مقصود إباحته، واتجاه بالحياة إلى العبث والضياع.

قال الغزالي: «واللعب مباح؛ ولكن المواظبة عليه مذمومة» (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «لكن قد يكون فعله -يعني: اللهو الذي لا فائدة منه- مكروهًا؛ لأنه يصد عن اللذة المطلوبة؛ إذ لو اشتغل اللاهي حين لهوه بما ينفعه، ويطلب له -اللذة المقصودة- لكان خيرًا له» (٤).

وقال العلامة ابن القيم: «اقتضت حكمة الشرع الترخيص فيه؛ لما يحصل فيه من إجمام النفس وراحتها، واقتضت تحريم العوض فيه؛ إذ لو أباحته بعوض لاتخذته النفوس صناعةً ومكسبًا، فالتهت به عن كثير من مصالح دينها ودنياها.

فأما إذا كان لعبًا محضًا، ولا مكسب فيه؛ فإن النفس لا تؤثره على مصالح دنياها ودينها، ولا تؤثره عليها إلا النفوس التي خلقت للبطالة» (٥).

وقال الشاطبي: «وكذلك اللهو واللعب والفراغ من كل شغل إذا لم يكن


(١) فتح الباري ٦/ ٧٢.
(٢) جمع غُدْوة، وعَشِيَّة. ينظر: لسان العرب ١٥/ ١١٦.
(٣) إحياء علوم الدين ٣/ ١٢٨.
(٤) الاستقامة ٢/ ١٥٣.
(٥) الفروسية ص ١٧٢.

<<  <   >  >>