للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: ومما يقوي جواز نظر فاطمة -رضي الله عنه- ا -إليه إذا كان بلا شهوة- أنه لو كان مجرد النظر محرمًا؛ لبين لها النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز؛ خاصة وأنها ستمكث عنده زمن العدة، وهو زمن ليس بالقصير.

ثالثًا: قال الغزالي: «لسنا نقول إن وجه الرجل في حقها عورة كوجه المرأة في حقه؛ بل هو كوجه الأمرد في حق الرجل، فيحرم النظر عند خوف الفتنة فقط، وإن لم تكن فتنة فلا؛ إذ لم تزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات، فلو استووا لأمر الرجال بالتنقب، أو منعن من الخروج» (١). وقال ابن حجر: «ويقوي الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلَّا يراهن الرجال، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب؛ لئلا يراهم النساء، فدل على تغاير الحكم بين الطائفتين» (٢).

ويرد على قول من أجاز نظر المرأة إلى الرجل آية وحديث.

أما الآية فقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١].

ويجاب عنها بأنها مخصصة بالأحاديث المبيحة، فمعنى: (من) هو التبعيض (٣).

وأما الحديث فهو حديث أم سلمة قالت: كنت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم -وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب- فدخل علينا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «احتجبا منه»، فقلنا: يا رسول الله، أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟!» (٤).

ويجاب عنه بأجوبة منها:

١ - ضعف الحديث (٥).


(١) إحياء علوم الدين ٢/ ٤٩.
(٢) فتح الباري ٩/ ٣٣٧.
(٣) تفسير القرطبي ١٥/ ٢١٢.
(٤) أخرجه أبو داود ح (٤١١٢)، والترمذي ح (٢٧٧٨).
(٥) فقد تفرد به عن أم سلمة مولاها نبهان القرشي، وقد قال الإمام أحمد كما في المغني: «قال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين -يعني: هذا الحديث وحديث: «إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه»، وكأنه أشار إلى ضعف حديثه؛ إذ لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول»، وقال ابن عبد البر عن نبهان في التمهيد ١٦/ ٢٣٦ - ٢٣٧: «ليس بمعروف بحمل العلم، ولا يعرف إلا بذلك الحديث وآخر»، وله شاهد من حديث أسامة، وهو ضعيف جدًّا، ينظر: إرواء الغليل ٦/ ٢١٠ - ٢١١.

<<  <   >  >>