للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحدة، فإن أرسل أحدهما قبل الآخر، ليعلم هل يدركه أم لا؟ لم يجد هذا في المسابقة على عوض (١).

الثانية: أن يكون عند أول المسافة من يشاهد إرسالهما، ويُرتِّبهما، وعند الغاية من يضبط السابق منهما؛ لئلَّا يختلفا في ذلك (٢).

الثالثة: أن العبرة بالسبق بتقدم أذن الفرس أو عِذاره (٣)، وقيل: الرأس، وقيل الكتف (٤)، ولكن الحديث ضعيف، فالصحيح أن العبرة بالأقدام، قال ابن القيم: «وهذا اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية، وهي التي اختارها أبو عبد الله بن حمدان في رعايته، وهي الصحيحة المقطوع بها؛ اعتبارًا بأول الميدان، واعتبارًا بمسابقة بني آدم على الأقدام، ولأن أحد الفرسين قد يكون أَمَدَّ جسمًا من الأخرى، فما للسبق والكتف والرأس، وإنما جريها وعملها على أقدامها؟! فكيف يحكم لمن سبقت يداها وتقدمت بالتأخر، إذا تقدمت عليها كتف الأخرى أو رأسها؟! وهل هذا إلا جعل المسبوق سابقًا، والسابق مسبوقًا؟!

ومن المعلوم أن أحد الفرسين أو البعيرين إذا تقدم قَدَمُه على الآخر كان سابقًا له بنفس آلة السباق، فلا مدخل في ذلك لرأس ولا كتف .. والظاهر أن عادتهم -أي: الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه- كانت اعتبار السبق بالأقدام «فاعلم» (٥)؛ كمسابقة بني آدم، ولا يعقل اسم السبق إلا بذلك، فلا يحتاج فيه إلى نقل صريح؛ لعدم التباسه، واطراد العادة به» (٦).


(١) تكملة المجموع ١٥/ ١٥٤، المغني ١٣/ ٤١٥.
(٢) المغني ١٣/ ٤١٥.
(٣) قال الماوردي في الحاوي ١٥/ ٤٣٧: «قال المزني: أقل السبق بالأذن؛ استدلالًا بما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «بعثت والساعة كفرسي رهان كاد أحدهما أن يسبق الآخر بأذنه»، والحديث أخرجه أحمد ٥/ ٣٣١ ح (٢٢٨٦٠) بدون زيادة: «كاد أحدهما أن يسبق الآخر بأذنه»، ولم أقف على هذه الزيادة في شيءٍ من كتب السُّنَّة.
(٤) الفروسية ص ٤٢٥ - ٤٢٦، تكملة المجموع ١٥/ ١٥٦.
(٥) هذه اللفظة موجودة في الطبعة التي بتحقيق الشيخ مشهور سلمان، وقد خلت منها الطبعة التي بتحقيق الشيخ زائد النشيري.
(٦) الفروسية بتحقيق مشهور ص ٤٢٦، وص ٣٧٨ من تحقيق النشيري.

<<  <   >  >>