للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلفوا في السبْق فيها إذا كانت بعوض، فذهب الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والحنابلة (٣)، وهو وجه عند الشافعية (٤) إلى عدم جواز ذلك، واستدلوا بما يلي:

١ - حديث أبي هريرة: «لا سبَق إلا في خف، أو حافر، أو نصل» (٥).

فقد حصر السبق بعوض في هذه الثلاثة دون غيرها (٦).

٢ - ولأن غير هذه الثلاثة لا يحتاج إليها في الجهاد كالحاجة إليها (٧).

وذهب الشافعية (٨) في وجه، وهو قياس وجه (٩) عند الحنابلة، وهو ظاهر اختيار ابن تيمية (١٠)، وابن القيم (١١) إلى جواز ذلك إذا كانت مما يعين على الدين.

وقد استدلوا بالقياس على جواز أخذ العوض في الخيل والإبل والنصل، فكما جاز أخذ العوض فيها؛ لما فيها من إعلاء كلمة الله، فكذلك السباحة إذا قصد بها ذلك (١٢).

والأقرب رجحان القول الثاني؛ لصحة ما ذهبوا إليه من قياس، والشريعة لا تفرق بين متماثلين، ويجاب عن أدلة القول الثاني بما يلي:

أما الحديث فيقال: إن الأقرب في معناه؛ أن يراد به أن أحق ما بذل فيه العوض هذه الثلاثة؛ لكمال نفعها، وعموم مصلحتها، فليس المقصود به الحصر (١٣).


(١) حاشية ابن عابدين ٩/ ٤٩٣.
(٢) الشرح الصغير للدردير ٢/ ٢١٠.
(٣) كشاف القناع ٤/ ٣٩.
(٤) مغني المحتاج ٤/ ٣١٢.
(٥) تقدمت دراسته.
(٦) المغني ١٣/ ٤٠٧.
(٧) المغني ١٣/ ٤٠٧، الفروسية ص ٩٩.
(٨) تكملة المجموع ١٥/ ١٤٠.
(٩) فقد قال المرداوي في الإنصاف ٦/ ٩١: «والصراع، والسبق بالأقدام ونحوهما طاعةٌ إذا قصد بها نصر الإسلام، وأخذ العوض عليه أخذ بالحق، واختار هذا كله الشيخ تقي الدين، وذكر أنه أحد الوجهين عندنا».
(١٠) ينظر التعليق: رقم (٢).
(١١) قال في الفروسية ص ٢٠٦: «فكل مغالبة يستعان بها على الجهاد تجوز بالعوض».
(١٢) الفروسية ص ٢٠٤.
(١٣) الفروسية ص ٩٩.

<<  <   >  >>