للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد:

فإن الله - عز وجل - بعث أنبياءً ورسلًا إلى أُممهم، فأدَّى كل نبي رسالته أكمل أداء، وعلى أتم وجه، فمنهم مَن أثْمَرَت دعوته وهو بين ظهرانيهم، ومنهم من جعل بينه وبين إتمام دعوته عوائق من فعل أشقياء قومه، ومنهم من انتقم الله - عز وجل - له من قومه، ومنهم. . . . .، ومنهم. . .

ثم ختمهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، فاختصه بمنزلة رفيعة فجعله آخرهم وخاتمهم وأفضلهم، وجعل شرعه ودعوته ودينه أكمل الأديان والشرائع، ومهيمنًا عليها، ثم جعل أنصاره وأصحابه أفضل الأمم قاطبة، لكمال متابعتهم له، واقتدائهم به، فما مِن خيرٍ إلَّا حثَّ أمَّته عليه، وما مِن شرٍّ إلَّا حذَّرَهَا منه، فصار هديه أكمل الهدي، وصار أتباعه مُبَلِّغين لهديه إلى مَن بعدهم، وما ذاك إلَّا لمَّا رأوا من حُسن سياسته لهم وجميل معاملته إياهم، وكريم أخلاقه وطيب شمائله، والنفوس مجبولة على حب مَن حسنت معاشرته وصحبته، كيف لا ورب العالمين - عز وجل - يقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، فمِن رحمة الله - عز وجل - لهذه الأمة أن جعل نبيها أكمل الناس خُلُقًا، وأليَنَهم جانِبًا، وأكثرهم تحمُّلًا، وأسهلهم أخلاقًا، فكل هدي دون هديه، وكل خُلُق دون خلقه، وما امتداح

<<  <   >  >>