للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحديث عمرة بنت عبد الرحمن قالت: قلت لعائشة - رضي الله عنها -: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خلا؟ قالت: «كان أبرَّ الناس، وأكرم الناس، ضحَّاكًا، بسَّامًا».

في أحاديث كثيرة يطول سردها، وقد تقدم بعضها.

والنواجذ» هي الأضراس، ولا تكاد تظهر إلا عند المبالغة في الضحك، وعليه، فظاهر هذه الأحاديث معارض لظاهر الأحاديث المتقدمة في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يزيد على أن يتبسم.

وحتى يُدْرَأ هذا التعارض فإني أقول:

اعلم- رحمك الله وسدَّدك- أنه لا منافاة بين كونه ضحك حتى بدت أضراسه، وبين حديث عائشة - رضي الله عنها - المتقدم؛ لأنه يمكن التوفيق بينهما من ثلاثة أوجه- والحمد لله- وهي:

أولًا: أن الأحاديث التي فيها إخبارٌ بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه مُثْبِتَة للفعل، وحديث عائشة نافٍ له، والمقرر عند أهل العلم بالحديث والأصول أن المُثْبت مُقَدَّم على النافي.

ثانيًا: أن عائشة - رضي الله عنها - إنما نفت الاستجماع للضحك وهو التَّأهُّب له، وفرق بين الضحك، والاستجماع للضحك.

قال الحافظ: «مستجمعًا ضحكًا» أي: مبالغًا في الضحك لم يترك منه شيئًا، يُقال: استجمع السَّيْلُ: اجتمع من كل موضع .. ».

<<  <   >  >>