للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما كون الأمر على الجماعة أن يسووا صفوفهم وأن يسدوا الخلل١ فلما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "وسِّطوا الإمام وسدوا الخلل" وفي الصحيحين من حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة" , وعنه أيضا في الصحيحين كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبر فيقول: "تراصوا واعتدلوا" وثبت في الصحيح من حديث نعمان بن بشير أنه قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "عباد الله لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم". قلت: وهو قول أهل العلم: أن تسوية الصفوف سنة وأن يتموا الصف الأول ثم الذي يليه ثم كذلك لما ورد في الأحاديث الصحيحة من أمره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بإتمام الصف الأول ثم الذي يليه ثم كذلك فالسنة أن لا يقف المؤتم في الصف الثاني وفي الصف الأول سعة ثم لايقف في الصف الثالث وفي الصف الثاني سعة ثم كذلك, وورد أيضا أن الوقوف يمنة الصف أولى وأفضل, وأما الاعتداد بالركعة التي لحق الإمام فيها راكعا ففيه خلاف لجماعة من الأئمة والحق عدم الاعتداد بها بمجرد إدراك ركوعها من دون قراءة الفاتحة٢ ومن أراد الوقوف على الحقيقة فليراجع إلى شرح المنتقي وطيب النشر والسيل الجرار وحاشية الشفاء والفتح الرباني ودليل الطالب, فالمسألة من المعارك. وأما جعل ما أدركه مع الإمام أول صلاته فهذا هو الحق فالهيئة المشروعة في الصلاة لا تتغير بتقديم أو تأخير بل الأصل الأصيل البقاء على الصفة المشروعة فيفعل الداخل مع الإمام بعد أن فاته بعض الركعات ما يفعله لو كان داخلا معه في الابتداء أو كان منفرداً وحديث: "فاقضوا" وإن كان صحيحاً فحديث: "أتموا" أصح منه, وقد أمكن الجمع بجعل معنى القضاء على التمام لأنه أحد معانيه٣ ولكن يترك المؤتم مخالفة إمامه في


١ الخلل بفتحتين الفرجة بين الشيئين والجمع خلال مثل جبل وجبال. قاله في المصباح.
٢ كان الأولى بهذه المسألة أن تذكر عند الكلام على وجوب قراءة الفاتحة, انظر نيل الأوطار ٣: ٢٤٠-٢٤٣. والذي نراه أن من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة, رواه الحاكم في المستدرك: ١: ٢١٦, ٢٧٣. وصححه ووافقه الذهبي.
٣ بل إن الأصل في معنى القضاء هو الإتمام: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>