أقول هذه العبادة من أعظم شعائر الإسلام وأشهر معالم الدين فإنها وقعت المواظبة عليها منذ شرعها الله سبحانه وتعالى إلى أن مات رسول الله صلى الله وسلم عليه في ليل ونهار وحضر وسفر ولم يُسمع بأنه وقع الإخلال بها أو الترخيص في تركها. "يشرع" وقد اختلف في وجوبه والظاهر الوجوب لأمره صلى الله وسلم عليه بذلك في غير حديث والحاصل: أنه ما ينبغي في مثل هذه العبادة العظيمة أن يتردد متردد في وجوبها فإنها أشهر من نار على علم وأدلتها هي الشمس المنيرة لأهل كل بلد أن يتخذوا مؤذناً وأما كون المؤذن مكلفا ذاكرا فهذا هو الظاهر لأن الأذان عبادة شرعية لا تجزيء إلا من مكلَّف بها ولم يُسمع في أيام النبوة ولا في الصحابة فمن بعدهم من التابعين وتابعيهم أنه وقع التأذين المشروع الذي هو إعلام بدخول الوقت ودعاء إلى الصلاة من امرأة قط, وأما أذان المرأة لنفسها أو لمن يحضر عندها من النساء مع عدم رفع الصوت رفعاً بالغاً فلا مانع من ذلك بل الظاهر أن النساء ممن يدخل في الخطاب بالأذان ولم يأت ما تقوم به الحجة لا في كون المؤذن طاهراً من الحدث الأكبر ولا من الحدث الأصغر لأن ما هو مرفوع في ذلك لم يصح وما هو موقوف على صحابي أو تابعي لا تقوم به الحجة وإن كان التطهر للمؤذن من الحدثين هو الأولى والأحسن فقد كره النبي صلى الله وسلم عليه أن يرد السلام وهو محدث حدثاً أصغر حتى توضأ كما في رواية وتيمم كما في أخرى والأذان أولى بذلك من مجرد السلام قال الماتن في حاشية الشفاء وظاهر الأحاديث أنه لا يصح أذان غير المتوضيء وقد ورد حديث يدل على اشتراط كون المؤذن متوضئاً أخرجه الترمذي بلفظ:"لا يؤذن إلا متوضئ" وقد أُعل بالانقطاع والإرسال ويشهد له حديث: "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر" أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان. "ينادى بألفاظ الأذان المشروعة" لإعلامهم بمواقيت الصلاة وللتمسك بشعائر الإسلام فقد كان الغزاة في أيام النبوة وما بعدها إذا جهلوا حال أهل قرية تركوا حربهم حتى يحضر وقت الصلاة فإن سمعوا أذاناً كفّوا عنهم وإن لم يسمعوا قاتلوهم مقاتلة المشركين, وأما غير أهل البلد كالمسافر