المعتبر فيه مجرد التراضي وحقيقة التراضي لا يعلمها إلا الله تعالى والمراد ههنا أمارته كالإيجاب والقبول وكالتعاطي عند القائل به وعلى هذا أهل العلم "ولو بإشارة"وينعقد بالكناية "من قادر على النطق"لكونه لم يرد ما يدل على ما اعتبره بعض أهل العلم من ألفاظ مخصوصة وأنه لا يجوز البيع بغيرها ولا يفيدهم ما ورد في الروايات من نحو: بعت منك وبعتك فإنا لا ننكر أن البيع يصح بذلك وإنما النزاع في كونه لا يصح إلا بها ولم يرد في ذلك شئ وقد قال الله تعالى: {تجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} فدل ذلك على أن مجرد التراضي هو المناط ولا بد من الدلالة عليه بلفظ أو إشارة أو كناية بأي لفظ وقع على أي صفة كان وبأي إشارة مفيدة حصل وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "لا يحل مال امريء مسلم إلا بطيبة من نفسه" فإذا وجدت طيبة النفس مع التراضي فلا يعتبر غير ذلك أقول: هذا غاية ما يستفاد من الأدلة أعني أن المعتبر في البيع هو مجرد التراضي والمشعر بالرضا لا ينحصر فيما ذكروه من الألفاظ المخصوصة المقيدة بقيود بل ما أشعر بالرضا ولو بكناية أو إشارة أو معاطاة من دون لفظ ولا ما في معناه فإن البيع عند وجود المشعر بمطلق الرضا بيع صحيح وعلى مدعي الاختصاص الدليل ولا ينفعه في المقام مثل حديث "إذا بعت" وحكاية مبايعته صلى الله تعالى عليه وآله وسلم للأعرابي وما أشبه ذلك لأنا لا نمنع من إشعار لفظ بعت ونحوه بالرضا وإنما نمنع دعوى التخصيص ببعض الأفراد التي لا تستفاد إلا من صيغ مخصوصة ومن ههنا يلوح لك أن قولهم لا ربا في المعاطاة باطل وهكذا أخواته والحاصل أنا لم نجد في الكتاب والسنة بعد ذكر مطلق البيع إلا قيد الرضا والأمور المشعرة به أعم من الألفاظ التي اصطلح عليها الفقهاء فيندرج تحت الرضا كل ما دل عليه ولو إشارة من قادر وكتابة من حاضر "ولا يجوز بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"لحديث جابر في الصحيحين وغيرهما"أنه سمع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم